للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذهب إليه السلف والأئمة وكثير من شيوخ الاعتزال في معنى النسخ الوارد في الآية، وما هو المراد من «الآية» الواردة فيها، كما ذكر أصل معنى «النسخ» في اللغة أهو من الإبدال كما قال به الرماني، أم من الإزالة كما ذهب اليه أبو هاشم.

ثم ذكر من تعاريفه الاصطلاحية هذين الحدين للقاضي عبد الجبار وعلي ابن عيسى الرماني، قال القاضي: «النسخ في الشرع: هو ما دل على أن مثل الحكم الثابت بالشرع غير ثابت في المستقبل، على وجه لولاه لكان ثابتا بالنص الأول، مع تراخيه عنه، فالنص الثاني ناسخ، والأول منسوخ» وقال الرماني: «هو رفع لشيء قد كان يلزم العمل به إلى بدل منه».

ولم يرجح الحاكم أحد هذين التعريفين، ولعله وجد أنه لا تعارض بينهما لأن تعريف القاضي الذي ينسب عادة إلى المعتزلة «١» - إنما هو تعريف «للناسخ» «والمنسوخ»، وتعريف الرماني إنما هو لحقيقة «النسخ» عندهم.

وأيا ما كان الأمر فقد ذهب الحاكم إلى جواز النسخ- وحكم بوقوعه- كما قدمنا، ورد على أبي مسلم الأصفهاني مذهبه في إنكار النسخ، قال الحاكم: «واختلفوا في قوله (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) فكل المفسرين حملوه


(١) انظر التعريف الذي حكاه الآمدي عن المعتزلة، وقارنه بالتعريف الذي ذهب إليه القاضي أبو بكر الباقلاني، وانظر مناقشة ضافية لهذه التعاريف ولتعاريف أخرى كثيرة قيلت في النسخ، في كتاب الأستاذ الدكتور مصطفى زيد:
النسخ في القرآن الكريم ١/ ٨٧ - ٨٩ والصفحات التالية.

<<  <   >  >>