من واحد وحاله في العلم في الحالين على السواء بحيث لا يتغير، لا يدل على البداء، وإن كان لا يصح حصولهما منه وحاله في العلم في الحالين على السواء دل على البداء. مثال ذلك: إذا أمر زيدا أن يشتري وقت الظهر لحم الغنم، ثم نهاه أن يشتري وقت الظهر لحم الغنم .. هذا يدل على أنه ظهر له ما لم يكن ظاهرا، وإلا لما نهى. فإن تغير واحد لا يدل، نحو أن يأمر زيدا وينهى عمرا، أو أن يأمره في وقت الظهر وينهاه في وقت العصر، أو يأمره بالشراء وينهاه عن الانتهاب، أو يأمره بلحم الغنم وينهاه عن لحم البقر.
«وإنما قلنا إنه لا يدل على البداء لأنه لا يمتنع أن يكون الشيء مصلحة لزيد مفسدة لعمرو، ولا يمتنع أن يكون مصلحة لزيد في وقت دون وقت، وأن يكون فعل له فيه مصلحة، وفعل آخر مفسدة، أو يكون مصلحة على وجه دون وجه. وإذا لم يمتنع ذلك لم يدل على البداء»«١».
٢) لا نسخ في الأخبار وحيث لا تعارض: ويبدو أن التمييز بين النسخ والتخصيص والتقييد وسائر أنواع البيان كان ماثلا أمام الحاكم وهو يرد كثيرا من دعاوى النسخ أو يهمل الإشارة إليها. وواضح من كتابه أنه يذهب إلى إنكار النسخ في الأخبار، وفي الآيات التي لا يوجد بينها تناف أو تعارض، كما ينكر وقوعه في آيات الوعيد، وفي آيات أخرى كثيرة زعم أنها نسخت بآية القتال، أو اشتهر بأنها من المنسوخ، يحدوه في ذلك منهج لا يعفيه من النظر- على الدوام- ومناقشة أي دعوى والحكم عليها بالرد أو القبول. ويمكن أن تصنف الآيات التي رد فيها الحاكم دعوى