للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث يكون هناك معارض لدعوى النسخ يذكره هو- كما لم ينص صراحة على أنه يذهب فيها إلى القول بأنها منسوخة وإن لم يذكر فيها رأيا آخر، حتى كان الوقوف على الآيات التي صرح فيها الحاكم بالنسخ كالمتعذر. وكل ما في الأمر أن الحاكم يقول بالنسخ، وأنه يضيق دائرته إلى حد كبير.

ونورد فيما يلي شاهدين من شواهده في النسخ يدلان على طريقته التي تحدثنا عنها:

أ- قال في قوله تعالى في مطلع سورة المزمل: (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ... ) الآيات: «١». روى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلي بالليل فتسامع الناس به واجتمعوا وكثروا، فدخل البيت فقال: أخاف أن تكتب عليكم، فجعلوا يتنحنحون حتى يخرج إليهم، فنزل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ .. ) وفرضت الصلاة بالليل حتى كان أحدهم يربط حبلا فيتعلق به، فمكثوا كذلك ثمانية أشهر، ثم نسخ ذلك وصارت صلاة الليل تطوعا. قال الحاكم: «وقيل: لم تكن فريضة، بل كانت تطوعا لأن الفرض لا تخيير فيه. وقيل: كانت فرضا، والزيادة والنقصان موقوفان على رأي المصلي واختياره. وقيل: لما نزلت هذه الآية اشتدت عليهم محافظة الوقت نصف الليل أو أقل أو أكثر، فكان يقوم حتى يصبح! فشق عليهم وتورمت أقدامهم، فخفف عنهم ونسخت.

وقيل: بين أن فرضت حتى نسخت سنة، عن ابن عباس والحسن وقتادة.

وقيل: كان بينهما عشر سنين، عن سعيد بن جبير! وقيل: ثمانية أشهر؛


(١) الآيات ١ - ٨، التهذيب، ورقة ١١٩.

<<  <   >  >>