للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤) النسخ قبل الفعل: ونختم حديثنا في موقف الحاكم من النسخ في القرآن «١» بالكلام على رأيه في النسخ قبل الفعل أو قبل الوقوع، ويتلخص رأيه في هذه المسألة بالقول بجواز النسخ قبل الفعل، وعدم جوازه قبل «وقت الفعل» لأنه إذا حصل قبل التمكين منه دل على البداء، وذلك- كما قدمنا- لا يجوز على الله تعالى.

قال في الآيات التي حكت قصة موسى مع قومه حين كلفهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة- قال تعالى: (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها ... ) إلى آخر الآيات «٢» - قال الحاكم: «تدل الآيات على


(١) من جوانب الموضوع «الفقهية» التي طوينا الكلام فيها، ونشير إليها هنا باختصار: استدلال الحاكم بقوله تعالى (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) على جواز نسخ القرآن بالسنة- وبالقرآن طبعا- لأن هذا المعنى قد يحصل بالكتاب والسنة، قال: «ولأن السنة إذا كانت بأمره ووحيه صح إضافتها إليه تعالى، ولأنهما يستويان في العلم والعمل، فجاز النسخ بكل واحد منهما. والآية تدل على الضد مما تعلق به الشافعية من منع نسخ القرآن بالسنة» وهذه السنة الناسخة، عند الحاكم وعند فقهاء الزيدية، هي المتواترة، قال الحاكم: «وقد جوز بعضهم النسخ بخبر الآحاد، وليس بشيء لأنها لا توجب العلم».
(٢) الآيات ٦٧ - ٧١ سورة البقرة، ورقة ٩٥ - ٩٦.

<<  <   >  >>