ومنها: أن ادعاء النبوة مع كون القرآن معجزا يكفي في باب التحدي؛ لأن إظهاره له والحال هذه بمنزلة أن يتحدى! بل أوكد.
ب- وجه اختصاص القرآن بالنبي مع أنه وجد قبله: وذلك أن القرآن كلام الله تعالى، ومن حق المعجز أن يكون من فعل القديم سبحانه، قال الحاكم:«الذي لا بد منه أن يعلم ظهور القرآن عليه على وجه لولا صدقه في النبوة لما ظهر، لأنا إنما نستدل بسائر المعجزات على هذا الوجه، فلو قال قائل إن فلق البحر من فعل بعض الملائكة؛ لم يطعن ذلك في كونه معجزة، لأنه لولا كونه صادقا لما ظهر. وهذا كما نقول في تعلق الفعل بالفاعل بما يمكن، أكثر من وجوب وقوعه بحسب قصده ودواعيه، وبحسب أحواله، فإذا حصل ذلك حكم بتعلقه به، كذلك هاهنا يكفي في كونه معجزة له ظهوره على وجه لولا ثبوته لما ظهر، كإحياء الميت وغيره»
فالقول بأن القرآن إذا تقدم حدوثه فكيف يدل على نبوته! لا يصح؛ لأن الدال على نبوته هو ظهور القرآن عند ادعائه النبوة من قبله لتعلقه به، فتقدم وجوده لا يمنع كونه دالا.
ج- وجه القول بأن القرآن معجز دال على نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم: قال الحاكم:
العمدة في ذلك شيئان: أحدهما تعذر مثله في فصاحته على المتقدمين في الفصاحة. والثاني أنه لا سبب لذلك إلا المزية الزائدة على ما جرت به العادة.
قال:«فإذا ثبت ذلك صار معجزا ودليلا يحل محل إحياء الميت وقلب العصا حية، فإذا ادعى النبوة وتحدى به واختص بما ذكرنا من الوجهين، حل محل قوله: صدقت».
الأمر الأول: تعذر مثله في الفصاحة: أفاض الحاكم في هذا الأمر