للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ببيان أن المعارضة تعذرت عليهم مع توفر الدواعي، وأنهم لم يعارضوه إلا لتعذر ذلك عليهم لا لوجه آخر، وأنهم لم يعارضوه بالفعل، وإلا لنقلت معارضتهم.

١) تعذر المعارضة: والذي يدل على تعذر المعارضة علمنا بتوفر دواعيهم من كل وجه إلى المعارضة، فلولا أنها كانت متعذرة عليهم لما تركوها، لأن العاقل المميز لا يجوز ألا يفعل ما له فيه الغرض التام وقد توفرت الدواعي، قال الحاكم: «إذ لو جوزنا ذلك لجوزنا مع الجوع الشديد والدواعي المتوفرة والطعام حاضر ألا نأكله»!

ثم إنهم قد عدلوا في إبطال أمره إلى الأمور الشاقة العظيمة الخطر، مع أن العاقل لا يجوز أن يعلم حصول مراده، وأنه يصل إليه بأسهل الأمور، ثم يعدل عن ذلك إلى الشاق العظيم الخطر، هذا إذا وصل إلى البغية بالسهل والشاق، فكيف وبالسهل يصل إليه وبالشاق لا يصل؟! فلولا تعذر المعارضة عليهم لما تركوها إلى الحرب والوسائل الأخرى.

٢) توفر الدواعي: أما دواعيهم إلى المعارضة فكانت متوفرة على أكمل وجه، وقد عد الحاكم من «أقسام الدواعي» التي ثبتت فيهم ما يلي:

أولها: أن من قرّع بالعجز عن الشيء ولا مانع، فالتقريع محرك له داع، وبخاصة إذا كان المقرّع من أهله، لأن المنافسة بين الأقارب أشد. ثانيها:

أن يكون المقرع ممن تتم له الرئاسة العظيمة. وثالثها: أن يكون مفارقا لهم عن عادات وأغراض، مقبحا لطريقتهم، مضيفا إليهم النقص، كما فعله النبي صلّى الله عليه وسلم «فقد كان يسفه عقولهم ويذم آباءهم ويقبح ما كانوا يدينون به، ويهجر آلهتهم». ورابعها: أن يكون موجبا لطاعته عليهم، وانقيادهم له في

<<  <   >  >>