للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن أكثر تعليقاته حول موضوع الإعجاز في تفسيره، يكاد لا يخرج عن سلك الملاحظات الذوقية الجمالية الخاصة، التي يضمها باب واسع يدعى الفصاحة!

ب) رد الحاكم فكرة النظم التي قال بعضهم إن القرآن معجز بها، وقد وجدنا أبا مسلم الأصفهاني والماوردي يذهبان اليها، وقد جعلها أبو مسلم أحد وجهين دالين على إعجاز القرآن، وسلكها الماوردي ضمن ثمانية وجوه!! قال أبو مسلم: «أما الإعجاز المتعلق بفصاحته وبلاغته فلا يتعلق بعنصره الذي هو اللفظ والمعنى، فإن ألفاظه ألفاظهم قال تعالى: (لِساناً عَرَبِيًّا) (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)، ولا بمعانيه فإن كثيرا منها موجود في الكتب المتقدمة، قال تعالى: (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ)»، ثم بعد أن استعرض أنواع الكلام المنظوم والمنثور، والسجع والشعر، والخطابة والكتابة والرسائل؛ قال: «والقرآن جامع لمحاسن الجميع على نظم غير نظم شيء منها ... » «١».

وقال الماوردي: «والثالث- من وجوه الإعجاز- أن إعجازه هو الوصف الذي نقض به العادة حتى صار خارجا عن جنس كلام العرب في النظم والنثر والخطب والشعر والرجز والسجع والمزدوج، فلا يدخل في شيء منها ولا يختلط بها، مع كون ألفاظه وحروفه في كلامهم، مستعملة في نظمهم ونثرهم» «٢».

وواضح من هذين النصين أن القرآن معجز بسبقه إلى أسلوب- نظم- جديد لم تعهده العرب، قال الحاكم: «ومن قال: الإعجاز في النظم


(١) معترك الأقران في إعجاز القرآن للسيوطي، ورقة ٢ - ٣ مخطوط.
(٢) النكت والعيون في تفسير القرآن للماوردي، ورقة ٤ مخطوط.

<<  <   >  >>