للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٥٣)} [سورة يس:٥١ - ٥٣]

وقد جاءت الأحاديث مخبرة بأنه يسبق النفخة الثانية في الصور نزول ماء من السماء فتنبت منه أجساد العباد، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً (١) ورفع ليتاً. قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، قال: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ الناس، ثم يرسل الله - أو قال ينزل الله - مطراً كأنه الطل أو الظل، فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون» (٢).

والإنسان يتكون في اليوم الآخر من عظم صغير، هو عجب الذنب، عن أبي هريرة

-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما بين النفختين أربعون، ثم ينزل من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا بلى، إلا عظماً واحداً، وهو عجب الذنب (٣) منه يركب الخلق يوم القيامة» (٤).

ومن المعلوم أن أجساد الأنبياء لا يصيبها البلى والفناء الذي يصيب أجساد العباد ففي الحديث: «أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» (٥).

والبعث هنا إعادة وليس تجديداً، كما قال تعالى: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [سورة يس:٧٨ - ٧٩]، وقال تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء:١٠٤]، ولأنه لو كان خلقاً جديداً لكان الجسد الذي يعمل السيئات في الدنيا سالماً من العذاب، ويؤتى بجسد جديد فيعذب، وهذا خلاف العدل، والنص والعقل قد دل على أن البعث ليس تجديداً ولكنه إعادة) (٦).

وأول من تنشق عنه الأرض هو نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-


(١) الليت: بكسر اللام وآخره مثناة فوق، هي صفحة العنق وهي جانبه، وأصغى أمال. شرح النووي لصحيح مسلم (١٨/ ٧٦).
(٢) صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال (١٨/ ٦٨).
(٣) عجب الذنب: العجب بالسكون، العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، وهو العسيب من الدواب. النهاية في غريب الحديث (٣/ ١٦٧).
(٤) صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} (٨/ ٦٨٩ - مع الفتح).
(٥) صحيح سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة (١/ ١٩٦).
(٦) أركان الإيمان، ص ٤٤.

<<  <   >  >>