للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع» (١).

وحيثما هلك العباد فإن الله قادر على الإتيان بهم، قال تعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:١٤٨]. وقال تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٤٧)} [الكهف:٤٧].

ويحشر الله الخلائق جميعاً حفاة عراة غرلاً، أي: غير مختونين، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً» قالت: يا رسول الله، الرجال والنساء جميعاً، ينظر بعضم إلى بعض؟ قال: «يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض .. » (٢).

ولكن الناس ليسوا سواء في ذلك اليوم العصيب. إنما تختلف أحواهم باختلاف أعمالهم، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (٢٥)} [سورة القيامة:٢٢ - ٢٥]، وقال تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزُّمَر:٦٠]، وقال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦)} [سورة مريم:٨٥ - ٨٦].

والأرض التي يحشر العباد عليها في يوم القيامة أرض أخرى غير هذه الأرض، قال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨)} [إبراهيم:٤٨]. وقد حدثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن صفة هذه الأرض الجديدة التي يكون عليها الحشر، عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد (٣)» (٤).

والوقت الذي يتم فيه هذا التبديل هو وقت مرور الناس على الصراط أو قبل ذلك بقليل، عن


(١) صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- (١٥/ ٣٧ - مع شرح النووي).
(٢) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب الحشر (١١/ ٣٧٧ - مع الفتح)، صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة (١٧/ ١٩٣).
(٣) العفراء: بالعين المهملة والمد بيضاء إلى حمرة. والنقي بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء هو الدقيق الحوري وهو الدرمك وهو الأرض الجيدة. "ليس فيها علم الأحد" أي: ليس بها علامة سکني أو بناء ولا أثر. انظر: شرح النووي لصحيح مسلم (١٧/ ١٣٤).
(٤) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب يقبض الله الأرض (١١/ ٣٧٢ - مع الفتح)، وصحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب البعث والنشور (٤/ ٢١٥ - مع شرح النووي).

<<  <   >  >>