للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل إن تفسير الزينة بالوجه والكفين هو خلاف ظاهر القرآن ولغة العرب، إلا أن يكون المراد مافي الوجه والكفين من الزينة:

قال الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (٥/ ٥١٦): الزينة في لغة العرب، هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها: كالحلي، والحلل. فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل عليه، إلا بدليل يجب الرجوع إليه، وبه تعلم أن قول من قال: الزينة الظاهرة: الوجه، والكفان خلاف ظاهر معنى لفظ الآية، وذلك قرينة على عدم صحة هذا القول.

كما أن لفظ الزينة يكثر تكرره في القرآن العظيم مرادا به الزينة الخارجة عن أصل المزين بها، ولا يراد بها بعض أجزاء ذلك الشيء المزين بها كقوله تعالى (يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) الأعراف ٣١، وقوله تعالى (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها) الكهف ٧، وقوله تعالى (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) الكهف ٤٦، وقوله تعالى (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) الصافات ٦، وقوله تعالى (فخرج على قومه في زينته) القصص ٧٩، وقوله تعالى عن قوم موسى: (ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم) طه ٨٧، وقوله تعالى (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) النور ٣١، فلفظ الزينة في هذه الآيات كلها يراد به ما يزين به الشيء وهو ليس من أصل خلقته، كما ترى، وكون هذا المعنى هو الغالب في لفظ الزينة في القرآن، يدل على أن لفظ الزينة في محل النزاع يراد به هذا المعنى، الذي غلبت إرادته في القرآن العظيم، وهو المعروف في كلام العرب; كقول الشاعر (يأخذن زينتهن أحسن ما ترى وإذا عطلن فهن خير عواطل) وبه تعلم أن تفسير الزينة في الآية بالوجه والكفين، فيه نظر. اهـ

<<  <   >  >>