للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أوتيها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعث بهَا فَهُوَ عَام فِي جَمِيع الْعُقُود وَإِن كَانَ سَببه قصَّة عتق بَرِيرَة فَالْعِبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب

وَلَكِن تنازعوا فِي الْعُقُود المباحت كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَالنِّكَاح هَل معنى الحَدِيث من اشْتِرَاط شرطا لم يثبت أَنه مَأْذُون فِيهِ شرعا أَو من اشْترط شرطا لم يعلم أَنه مُخَالف لما شَرعه الله هَذَا فِيهِ نزاع لِأَن قَوْله فِي آخر الحَدِيث كتاب الله أَحَق وَشرط الله أوثق يدل على أَن الشَّرْط الْبَاطِل مَا خَالف ذَلِك وَقَوله من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل قد يفهم مِنْهُ مَا لَيْسَ بمشروع وَصَاحب القَوْل الأول يَقُول مَا لم ينْه عَن الْمُبَاحَات فَهُوَ مِمَّا أذن الله فِيهِ فَيكون مَشْرُوعا بِكِتَاب الله وَأما إِذا كَانَ فِي الْعُقُود الَّتِي يقْصد بهَا الطَّاعَات كالنذر فَلَا بُد أَن يكون لله

وَأما الْمَنْذُور طَاعَة فَمَتَى كَانَ مُبَاحا لم يجب الْوَفَاء وَكَذَلِكَ الْوَقْف وَحكم الشُّرُوط فِيهِ فَإِذا أوصى أَو وقف على معِين وَكَانَ كَافِرًا أَو فَاسِقًا لم يكن الْكفْر وَالْفِسْق هُوَ سَبَب الِاسْتِحْقَاق لَا شَرط فِيهِ بل هُوَ يسْتَحق مَا أعطَاهُ وَإِن كَانَ مُسلما عدلا فَكَانَت الْمعْصِيَة عديمة التَّأْثِير بِخِلَاف مَا لَو جعلهَا شرطا فِي ذَلِك على الْكفَّار أَو الْفُسَّاق أَو على الطَّائِفَة الْفُلَانِيَّة بِشَرْط أَن يَكُونُوا كفَّارًا أَو فساقا فَهَذَا الَّذِي لَا ريب فِي بُطْلَانه

وَهنا أصلان أَحدهمَا أَن بذل المَال لَا يجوز إِلَّا لمَنْفَعَة فِي الدّين أَو الدُّنْيَا وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْعلمَاء وَمن خرج عَن هَذَا كَانَ سَفِيها مبذرا لمَاله وَقد نهى الله تَعَالَى التبذير وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن إِضَافَة المَال فِي الحَدِيث وَمن الْمَعْلُوم أَن الْوَاقِف لَا ينْتَفع بوقفه فِي الدُّنْيَا وَلَا ينْتَفع بِهِ فِي الدّين إِن لم يَنْفَعهُ فِي سَبِيل الله طَاعَته وَطَاعَة رَسُوله فَإِنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يثيب العَبْد على مَا أنفقهُ فيمَ يُحِبهُ فالمباحات لَا يثيب عَلَيْهَا وَلَا يكون فِي الْوَقْف عَلَيْهَا مَنْفَعَة فِي الدُّنْيَا وَلَا ثَوَاب فالوقف عَلَيْهَا خَال من الْمَنْفَعَة فِي الدّين وَالدُّنْيَا

<<  <   >  >>