فَهَؤُلَاءِ لما تخوف أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا مِنْهُم نوع نفاق لم يولوهم على الْمُسلمين فَلَو كَانَ عَمْرو بن الْعَاصِ وَمُعَاوِيَة مِمَّن يتخوف مِنْهُمَا النِّفَاق لم يولوهما على الْمُسلمين بل قد أَمر رَسُول الله وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمْرو بن الْعَاصِ فِي غَزْوَة ذَات السلَاسِل وَالنَّبِيّ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يول على الْمُسلمين منافقا وَاسْتعْمل على نجوان أَبَا سُفْيَان فِي حَرْب أَبُو مُعَاوِيَة وَمَات رَسُول الله وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو سُفْيَان نَائِبه عَلَيْهَا بل جَمِيع عُلَمَاء الصَّحَابَة متفقون على إسْلَامهمْ وَصدقهمْ وَالْأَخْذ عَنْهُم وَإِذا كَانُوا مُؤمنين محبين لله وَلِرَسُولِهِ فَمن لعنهم فقد عصى الله
وأئمة الدّين لَا يَعْتَقِدُونَ عصمَة أحد من الصَّحَابَة وَلَا من الْقَرَابَة بل يجوزون عَلَيْهِم وُقُوع الذُّنُوب وَالله تَعَالَى يغْفر لَهُم
وقصة حَاطِب بن أبي بلتعة رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيح فقد غفر لَهُ الذَّنب الْعَظِيم بشهوده بَدْرًا وللصحابة من الْحَسَنَات والأسباب الَّتِي تمحو السَّيِّئَات أعظم نصيب وَقد قَالَ تَعَالَى {ليكفر الله عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا} هَذَا فِي الذُّنُوب المحققة وَأما مَا اجتهدوا فِيهِ فَتَارَة يصيبون وَتارَة يخطئون فهم مأجورون على الْحَالين
فَأهل السّنة لَا يعصمون وَلَا يؤتمرون بِخِلَاف أهل الْبدع الَّذين غلوا من الْجَانِبَيْنِ طَائِفَة عصمت وَطَائِفَة أتمت فتولد بَينهم من الْبدع مَا سبوا بِهِ السّلف بل يفسقونهم ويكفرونهم كَمَا كفرت الْخَوَارِج عليا وَعُثْمَان وَاسْتَحَلُّوا قِتَالهمْ وهم الَّذين قَالَ فيهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تمزق مارقه على خير فرقة من الْمُسلمين نقلتها أولى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ فَقَتلهُمْ على وهم المارقة الَّذين مرقوا على على وَكَفرُوا كل من تولاه وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحسن ابْن عَليّ إِن ابْني هَذَا سيد وسيصلح الله بِهِ بَين فئتين عظيمتين من الْمُسلمين فَأصْلح بِهِ بَين شيعَة عَليّ وشيعة مُعَاوِيَة فَدلَّ على أَنه فعل مَا أحبه الله وَرَسُوله