وَأَن الفئتين لَيْسُوا مثل الْخَوَارِج الَّذين أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتالهم وَلِهَذَا فَرح عَليّ بقتاله للخوارج وحزن لقِتَال صفّين وَأظْهر الكآبة والألم
وتبرئة الْفَرِيقَيْنِ من الْكفْر والنفاق والترحم على قَتَلَاهُمَا هُوَ من الْأُمُور الْمُتَّفق عَلَيْهَا وَأَن كل وَاحِدَة من الطَّائِفَتَيْنِ مُؤمنَة وَقد شهد الْقُرْآن بِأَن قتال الْمُؤمنِينَ لَا يخرجهم عَن الْإِيمَان
والْحَدِيث المروى إِذا قتل خليفتان فأحدهما مَلْعُون كذب مفترى لم يروه أحد من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ
وَمُعَاوِيَة لم يدع الْخلَافَة وَلم يُبَايع لَهُ بهَا حِين قَاتل عليا وَلم يُقَاتل علينا على أَنه خَليفَة وَلَا أَنه يسْتَحق الْخلَافَة وَلَا كَانَ هُوَ وَأَصْحَابه يرَوْنَ ابْتِدَاء على الْقِتَال بل لما رأى على أَنه يجب عَلَيْهِم مبايعته وطاعته إِذا لَا يكون للنَّاس خليفتان وَأَن هَؤُلَاءِ خارجون عَن طَاعَته رأى أَن يقاتلهم حَتَّى يؤدوا الْوَاجِب وَتحصل الطَّاعَة وَالْجَمَاعَة وهم قَالُوا إِن ذَلِك لَا يجب عَلَيْهِم وَأَنَّهُمْ إِذا قوتلوا على ذَلِك كَانُوا مظلومين لِأَن عُثْمَان قتل مَظْلُوما بِاتِّفَاق الْمُسلمين وقتلته فِي عَسْكَر عَليّ وهم غالبون لَهُم شَوْكَة فَإِذا لم نمتنع ظلمونا واعتدوا علينا وعَلى لَا يُمكنهُ دفعهم كَمَا لَا يُمكنهُ الدّفع عَن عُثْمَان وَإِنَّمَا علينا أَن نُبَايِع خَليفَة يقدر على أَن ينصفنا ويبذل لنا الْإِنْصَاف وَكَانَ فِي جهال الْفَرِيقَيْنِ من يظنّ بعلي وَعُثْمَان ظنونا كَاذِبَة برأهما الله تَعَالَى مِنْهَا مِنْهُم من ظن أَن عليا أَمر بقتل عُثْمَان وَكَانَ يحلف وَهُوَ الْبَار الصَّادِق بِلَا يَمِين أَنه لم يَأْمر بقتْله وَلم يمالىء على قَتله وَهَذَا مَعْلُوم بِلَا ريب من على فَكَانَ أنَاس من محبي عَليّ وَمن مبغضيه يشيعون ذَلِك عَنهُ فمحبوه يقصدون الطعْن على عُثْمَان وَأَنه كَانَ يسْتَحق الْقَتْل وَأَن عليا أَمر بقتْله ومبغضوه يقصدون الطعْن على عَليّ وَأَنه أعَان على قتل الْخَلِيفَة الْمَظْلُوم الشَّهِيد الَّذِي صَبر نَفسه وَلم يدْفع عَنْهَا وَلم يسفك دم مُسلم فِي الدّفع عَنهُ فَكيف فِي طلب طَاعَته