وَلَا عدل فِيهِ بِخِلَاف مالو كَانُوا بِلَا مُحَلل فَكَانَ كل مِنْهُمَا مُسَاوِيا للْآخر فِي الِاحْتِمَال وَهَذَا عدل وَهُوَ على الْمِيزَان بَينهمَا بل الَّذِي بذل الْجعل ليجعل الرَّغْبَة فِيمَا يُحِبهُ لَا ينظر فِي مصْلحَته بل معرضًا للخسارة وَيجْعَل الدخيل الَّذِي جَاءَ تَابعا للغرض لَا يخسر شَيْئا من مَاله وَالَّذِي يتَقرَّب إِلَى الله بِمَا يُحِبهُ يخسر وَالَّذِي لم يقْصد لم يُعْط شَيْئا وَلَا يخسر بل إِمَّا سالما وَإِمَّا غانما فَهَل يحسن هَذَا فِي شرع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإنن كَانَ الْقَائِلُونَ عُلَمَاء فضلاء أَئِمَّة فَإِنَّمَا وَقعت الشُّبْهَة من حَيْثُ ظنُّوا أَن الميسر الْمحرم الَّذِي هُوَ الْقمَار حرم لما فِيهِ من المخاطرة ثمَّ مِنْهُم من رأى المخاطرة كلهَا مُحرمَة من الْمُحَلّل وَعَدَمه وَهَذَا أقرب إِلَى الأَصْل الَّذِي ظنُّوا لَو كَانَ صَحِيحا وَمِنْهُم من رأى الْحَاجة إِلَى السَّبق وَقد جَاءَ الشَّرْع بهَا فَجمع بَين مَا أَمر الله بِهِ وَبَين مَا أبْطلهُ من الْقمَار فأباحه مَعَ الْمُحَلّل فَقَط وَالْمَقْصُود هُنَا بالجعل أَن يظْهر أَنه قوي لِأَن صَاحبه يغلبه وَيَأْخُذ مَاله بِخِلَاف الْجعَالَة فَإِن الْغَرَض بهَا الْعَمَل من الْعَامِل الَّذِي يَأْخُذ الْجعل فَلَيْسَتْ هَذِه جعَالَة والجاعل قَصده وجود الشَّرْط والمسابق الَّذِي أظهر المَال قَصده أَن لَا يُوجد الشَّرْط الَّذِي هُوَ سبق صَاحبه لَهُ بل قَصده عَدمه فَأَيْنَ هَذَا من هَذَا هَذَا يكره أَن يطْلب وَذَاكَ يجب أَن يحصل قَصده الَّذِي هُوَ رد آبقة أَو ابناء حَائِطه كَمَا يَقُول الْحَالِف إِن فعلت كَذَا فَمَالِي صَدَقَة أَو على الْحَج ومقصده أَنه لَا يَفْعَله بِخِلَاف النَّاذِر الَّذِي يَقُول إِن شفى الله مريضي فعلي أَن أَصوم شهرا وكالمخالع الَّذِي يَقُول إِن أبرأنيني من صداقك فَأَنت طَالِق
وَمن تبين حَقِيقَة هَذِه الْمَسْأَلَة تبين لَهُ أَن مَا من رأى أَنه حرَام وَلَو مَعَ مُحَلل فَقَوله أصح على مَا ظنوه
وَأما إِذا تقرر أَن تَحْرِيم الميسر لما نَص الله تَعَالَى على أَنه يُوقع الْعَدَاوَة والبغضاء ويصد عَن ذكر الله عز وَجل وَعَن الصَّلَاة وَقد يشْتَد تَحْرِيمه لما فِيهِ