وَأَيْضًا فَإِن كلا يحْتَمل أَن يغلب ويغنم أَو يغرم وَأما الْمُحَلّل فَلَا يحْتَمل أَن يغلب أَو يغرم بل هُوَ يغنم لَا محَالة أَو يعلم
فَمن تدبر هَذِه الْأُمُور علم أَن الشَّرِيعَة منزهة عَن مثل هَذَا أَن تحرم الشَّرّ دفعا لمفسدة قَليلَة ونتيجة بالمفسدة عينهَا إِذا كثرت وَلَكِن أَصْحَاب الْحِيَل كثيرا مَا يقعون فِي هَذَا فيحرمون على الرجل بعض أَنْوَاع الزِّيَادَة دفعا لأكل المَال بِالْبَاطِلِ لِئَلَّا يتَضَرَّر ويفتحون لَهُ حِيلَة يُؤْكَل فِيهَا مَاله بِالْبَاطِلِ أَكثر وَيكون فِيهَا ظلمه وضرره أعظم
وَمن الْعلمَاء من أَبَاحَ السَّبق بالمحلل كَقَوْل أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالك وَهَذَا مَبْنِيّ على أصلين
أَحدهمَا أَن هَذِه جعَالَة
وَالثَّانِي أَن الْقمَار هُوَ المخاطرة الدائرة بَين أَن يغنم باذل المَال أَو يغرم أَو يسلم وَهَذَا الْمَعْنى يَنْتَفِي بالمحلل فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَدُور على أَمريْن أَن يغنم أَو يغرم أَو يسلم وَقد تقدم التَّنْبِيه على بعض مَا فِي كل من الْأَصْلَيْنِ
وَالْمَقْصُود الْأَعْظَم بَيَان فَسَاد ظن الظَّان أَنه بِدُونِ الْمُحَلّل قمار وبالمحلل يَزُول الْقمَار فَيُقَال
أَولا إِن الدَّلِيل الشَّرْعِيّ قد دلّ على أَن الْقمَار هُوَ هَذَا دون هَذَا
وَيُقَال ثَانِيًا المتسابقان كل مِنْهُمَا مُتَرَدّد بَين أَن يغنم أَو يغرم أَو يسلم فَإِنَّهُمَا لَو جَاءَا مَعًا لم يَأْخُذ أَحدهمَا سبق الآخر فَقَوْلهم إِن الْقمَار هُوَ المتردد بَين أَن يغنم أَو يغرم فَقَط لَيْسَ بِمُسْتَقِيم بل عِنْدهم وَإِن تردد بَين أَن يغنم أَو يغرم أَو يسلم فَهُوَ أَيْضا قمار وَهَذَا مَوْجُود مَعَ الْمُحَلّل فَإِن كلا مِنْهُمَا يتَرَدَّد بَين أَن يغنم إِن غلب وَبَين أَن يغرم إِن غلب وَبَين أَن يسلم إِن جَاءَا مَعًا أَو جَاءَ هُوَ ورفيقه مَعًا فالمخاطرة فِيهَا مَوْجُودَة مَعَ الْمُحَلّل وَبِدُون الْمُحَلّل بل زَادَت بِدُخُولِهِ
فَتبين أَن الْمَعْنى لم يزل بِدُخُول الْمُحَلّل بل ازْدَادَ مفْسدَة فَإِنَّهُ على بر السَّلامَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute