للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبرور ضَامِن. واحتللنا رندة مرسها الله، واثقين بِقُوَّة الله وَحَوله، مُتَمَسِّكِينَ بِسَبَبِهِ الْقوي فِي الْأَمر كُله، وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه، وَمن فوض الْأَمر إِلَيْهِ نجح قَصده وَعلا كَعبه. ثمَّ انتقلنا بالمحلات المجتمعات ضفة وَادي لكه، محلّة الْفَتْح الأول، ومحول النَّصْر المتاح المخول، وَمِنْهَا صبحنا أُولَئِكَ الْكَافرين فشاحت وُجُوههم، وأحاط بهم سوء كسبهم، وحاق بهم وبال أَمرهم، فَقَالُوا على الربض صلينَا ... . . وَلما كاثرهم أَوْلِيَاء الله، يَعْلُو بالكلمتين نداؤهم، ويكاثروا أزهار الْبَطْحَاء الْمُخْتَلفَة الألوان راياتهم، فحاش سرعَان من انتثر بذلك السهل العريض من الْأُمَم الْكَافِرَة، وَالنَّسَمُ الغادرة إِلَى مسور الْحصن، وَقد كَانُوا فِي هَذِه المدد الْقَرِيبَة أَو سعوه تحصينا، وناصحوا عوراته رما وتسديدا، وتخلفوا الْمنَازل مَالِيَّة بِالنعَم والأقوات، والأمتعة والآلات، فخافهم الْمُسلمُونَ عَلَيْهَا انتهابا لكثيرها واستلابا لخطيرها، حَتَّى لم تبْق يَد إِلَّا ملثت، وَلَا نعْمَة إِلَّا سبيت، وتحصنوا بالقصبة، وَالسُّيُوف تتخطفهم، والرماح تنوشهم، والسهام تبعجهم، بعد موافقات صعبة، وحملات مرّة، ومدافعات تجاه بَابهَا، استوعب لفيفهم مَعهَا التحصن، واستكملوا التصنع، وهم أُلُوف، حذر الْمَوْت يحْضرُون، وَإِلَى الْمحيا يتسابقون ويهرعون، وصدقوهم الْمُسلمين الضمة، فأجحروهم صابرين، وتسنموا الْعَرَصَة ظَاهِرين بعد إثخان الْقَتْل وإعمال السَّيْف، وَبعد أَن سدت المسالك جثث الْقَتْلَى، وملأت الرحاب أشلاء الصرعى، ثمَّ عاطوا من تحصن بالقصبة كؤوس الْقِتَال، وَأَرْسلُوا عَلَيْهِم حواصب النبال، وتعلقوا بأسوارهم، يقرعون الثنايا، ويطلعون عَلَيْهِم وُجُوه المنايا، واستجدت آلَات النقب، وَظَهَرت إِلَى ذَلِك المعتصم المحبور من ذمَّة الله، حِجَارَة الرجز، وأسفوا الله فانتقم مِنْهُم، وعتوا على عباد الله المطهرين، فَجعل لأوليائه وأوليائهم نَصِيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>