للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مربعها الأنيس، قفولا مَلأ بِلَاد الْكفْر رعْبًا، وجاسها ذعرا، وَأقَام لِلْإِسْلَامِ [وَأَهله فِيهَا] وزنا، ويالها من شَوْكَة خضدها الله وأبادها , وأذهب كيادها. وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه , إِن الله بَالغ أمره. وعرجنا فِي هَذَا الإياب الْعَزِيز على مَدِينَة باغة الْحُجْرَة , من بَنَات تِلْكَ الْأُم البائسة , وفروع تِلْكَ الشَّجَرَة المجتثة , فَصَارَت سحيرا للسيل , وملتهم الويل , ومنتهب الرجل وَالْخَيْل , وألفينا قاطنها قد ولى هربا , وَاتخذ اللَّيْل جملا , وبيوتها مشحونة أثاثا وأقوتا , وَنِعما أشتاتا , فَأَخذهَا النهب , وَفَشَا فِي عيصها الأشب العيث , وتعلقت النَّار بزياتينها لمَكَان العلاقة , وأغرت بهَا لأجل السلبط أَلْسِنَة السلاطة , فَقلب الدمار أعيانها رَمَادا , وألبسها الْحَرِيق للثكل حدادا.

وانصرفنا عَنْهَا , وَالْعَمَل إِن شَاءَ الله على التعقيب مستوفر , والعزم إِن شَاءَ الله على الْعود إِلَى أبدة الذاهبة مذهبها متجدد. نسْأَل الله أَن يتم علينا النعم , ويجزل من فَضله الْمَوَاهِب وَالْقسم , ويلهمنا الشُّكْر المستدعي للمزيد , فَهُوَ الْوَلِيّ الحميد. وبادرنا تَعْرِيف مقامكم بِمَا سناه الله , قبل حط البنود عَن الْجِيَاد , والحمايل عَن الأكتاد , علما بموقع هَذَا الصنع من دينكُمْ الْأَصِيل , ومجدكم الْعَزِيز , وملككم الْكَبِير , فَهُوَ دينكُمْ وجواركم , ووطنكم الثَّانِي وداركم. وَقد كَانَت هَذِه المكيفات , بشاير ولي الله السُّلْطَان الْمُقَدّس والدكم , الَّذِي لَا يتحف بأسنى مِنْهَا خطرا , وَلَا يهدي أجل مِنْهَا قدرا. وَأَنْتُم وَارِث خلاله الصَّالِحَة , وشيمه الْبرة الطاهرة. وَنَرْجُو الله أَن يكون هَذَا الْفَتْح , تمهيدا لمذخور نصركم , وإرهاصا بَين يَدي جهادكم , ولتتحققوا أَنه لَو جمع الله جمع الْإِسْلَام على الْجِهَاد , لعاد الْفَتْح الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>