للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رهائنهم. هَذَا بعد أَن جهر الْمُنَادِي , بعقر الْأَشْجَار , وانتساف تِلْكَ الأقطار , [فأمسى الجناب الْأَخْضَر , لَا يظل ضاحيا وَلَا يقل فراشا هافيا] . وتناولت الأقواس جراثيم الْعقار فعقرتها , وقرأت أَلْسِنَة النَّار سُورَة التِّين وَالزَّيْتُون فجرفتها , وحالت أَيدي الْبَوَار , واستؤصلت عاديات الْأَشْجَار , وفجع بخندق الْجنَّة أهل النَّار , وَطَاف عَلَيْهَا طايف من الله , وأصبحت كالصريم , وطلعت عَلَيْهَا بالصليم , لكتاد غرَّة الْيَوْم العصيب , وتقاسمت الْأَيْدِي تخريب أسوارها , فهشمت أَسْنَان الشرفات , وجدعت آناف الأبراج المشرفات , فَهِيَ الْيَوْم اليباب البلقع , ووهيها الوهي الَّذِي لَا يرقع. وَاتفقَ من تَمام الصنع أَن تلاحق بمحلتنا عَلَيْهَا وَزِير السُّلْطَان صَاحب قشتالة , فِي كَتِيبَة خشنة من قومه , وعددهم من أَتْبَاعه , مستجيرا بِنَا من مُطَالبَة سُلْطَانه , طارحا نَفسه علينا , فِي تكفل أَمَانه , فَرَأى من وفور محلات الْمُسلمين مَا بلد فكره , وحير لحظه , وَشَاهد من عَظِيم أَثَرهم فِي الْبَلَد المستباح , الَّذِي دمروه , وَعدد من استرقوه وأسروه , مَا ضاعف حسرته , وأذرف عبرته. فَكَانَ ذالك طرازا على الْحلَّة السيراء , وتماما للنعمة النعمى , وأملا فِي ظُهُور الدّين , وَالْحَمْد لله تكيف وتأتى. وقفلنا بِالْمُسْلِمين , هنأهم الله بِمَا وهبهم وَقد وسم وُجُوههم الاستبشار , وحلل قِتَالهمْ فِي سَبِيل الله النَّقْع للثار , وَقد فجعوا الْكفْر بِأم من أَمَاتَهُ , وكرسي الْملك مُسْتَقل بذاتة , وتركوها أوحش من القفر , وأخلى من جَوف الْقَبْر , مرصوفة السكَك بالجثث والأشلاء , مظللة بأعنان تبلغ أعنان السَّمَاء , مرفرفة فَوْقهَا عصايب القشاعم , متزاحمة على شعابها ونقابها الضباع الصرامح , والعواسل والكواسر , قد شاه مرآها الْجَمِيل , وأوحش

<<  <  ج: ص:  >  >>