للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومأسورها، أزوادا تنشر عَلَيْهَا عصي سمر الرماح، وأسرابا تخفق فَوْقهَا أَجْنِحَة الْجراح، من بيض الصفاح، إِلَى حمى القلعات المشيدة، فنراكموا بالقنة القايمة بِأَعْلَى الندوة، وَقد جنح الْأَصِيل، وجاذب القرص المسيل، فرتبنا عَلَيْهِم المسالح والأحراس، ووكلناهم إِلَى غيب الزحام، وَسُوء الْمقَام، وبرح الظما، ورجز السما، وتربصناه بالإجهاز عَلَيْهِم، انقشاع الظلماء، وباكرناهم وطبول الْعِزَّة بِاللَّه هادرة، وَكلمَة الْحق قايمة صاعدة، وعزايم الصدْق مَاضِيَة. فعاطينا تِلْكَ القلعة الشما [فِي السكَك الْمُزَاحمَة لشهب الأفلاك] الْحَرْب الضرسة الَّتِي لم يعْهَد بِمِثْلِهَا، فِي زمَان سالف، ودهر غابر، بلغ فِيهَا الصَّبْر أغياما، تتجاذبه مطولات الْقصاص، وغرايب الأسمار، وَيجمع فِيهَا أَلْسِنَة الْأَخْبَار. فَدخلت القصبة الأولى، وَارْتَفَعت فِي أبراجها البنود، وانتقل من بهَا إِلَى الثَّانِيَة. وَلما افْتقر أمرهَا من بعد المحاولة إِلَى المطاولة، ورأينا بعد ذَلِك أَن لَا مطمع فِي اسْتِبْقَاء الْمَدِينَة، إِذا استخلصنا القصبة الشاهقة، وفتحنا القلعة السامية، لمَكَان العقد، مَعَ ولي قاعتها، ومستحق خربتها، ضنا بالنفوس الْمسلمَة، أَن تفيض من دونهَا لجاجا، أَو تبيد عَلَيْهَا مجَّانا، وَأَن من تحصل بهَا، أشبه شَيْء بِالْعدمِ، قلَّة وذلة، وارتيابا وأشتاتا، وَقد أثبتهم الرُّمَاة، وفشت فيهم الْجراح. ونبا بهم الوطن، واقتطعتهم المحن، أجبناهم إِلَى مَا بذلوا فِي جماجمهم من الفدا على الإفراج عَنْهُم، والإقلاع عَن ساحتهم. فتم ذَلِك فِي يَوْم الْجُمُعَة الْخَامِس من يَوْم المنازلة [بعد أَن] توثقنا فِي شَأْنهمْ، واقتضينا مائَة من متخير

<<  <  ج: ص:  >  >>