للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مواقع الرماح من النحور، وَالسُّيُوف من السوالف، إِلَّا أننا رَأينَا أَنَّهَا قَصَبَة مستعدة، قد تحصل بهَا من الناشبة والرامحة عدَّة، فَلَا يتَوَصَّل إِلَى افتتاحها إِلَّا بمهج ونفوس من الْمُسلمين عَلَيْهَا تسيل، وحماة لَهَا فِي الْإِسْلَام الْغناء الْجَمِيل، وَفِي سلامتها التأميل، وَأَن الْبَلَد قد استوصل معموره، وألصقت بالرغام دوره، وسد دكه، ودك سوره، وتعدد قتيله ومأسوره، بِحَيْثُ لَا يفِيق أبدا من بواره، وَلَا يجْبر كَسره إِلَّا بعد انْقِضَاء أدوار، وَأَن القصبة لَا تبدي فِي اعتماره وَلَا تعيد، وَأَيْنَ يَقع ساكنها مِمَّا تُرِيدُ. وشرعنا فِي الإياب والسكك بالأوقار قد ضَاقَتْ، وَالْأَيْدِي قد حملت فَوق مَا أطاقت [والمناصل قد أنهرت وأراقت، ونقمة الله بعدوه قد حاقت، ونعمه قد بهرت لدينا وراقت] . وتخلفنا قُصُورهَا السامية قيعانا، وكنايسها الحافلة أثرالاعيانا، وَقد أَخذ الله صلبانها، واستعجل النيرَان رهبانها، وأتى الله بيوتها من الْقَوَاعِد فخرت، وزلزل مصانعها الْعَالِيَة، فاستوت على وَجه الصَّعِيد واستقرت. فَمَا أَظن أَن مَدِينَة بلغ من معمورها، واستأصل العفا من حجرات دورها، مَا بلغ فِي هَذِه البايسة البائدة، والغوية المكايدة، غير الله محاسنها [وشرد قاطنها] . وَلما فرغت الْأَيْدِي المجاهدة من داخلها الهايل تدميرا وتخريبا، وتهيأت هَنَات الله جلّ جَلَاله نصرا عَزِيزًا، وفتحا قَرِيبا، انْطَلَقت على مَا بخارجها عقرا للأشجار، وتعفية للآثار، وتغويرا للأنهار، وتسليط أَلْسِنَة النَّار، وأغرينا بِهَذَا العياث أَيَّامًا سَبْعَة، تسبي النعم، وتبث فِي جهاتها النقم، فتركنا مرابع الْبَيْت الأوانس أوحش من الرمس، ومغاني الغانيات كَأَن لم تغن بالْأَمْس، قد أذلّ الله بعز الْإِسْلَام طغيانها، وكف بكف الْقُدْرَة عدوانها، وشان بالدمار شَأْنهَا. فكم أجلبت على ثغور الْإِسْلَام بخيلها ورجلها وَكم عظم الْفَرح فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>