للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحور، وتحلت بشذور , النجيع مِنْهَا النحور , وعلت بِالشَّهَادَةِ الْأَصْوَات , وحامت عَن موارد الكماة , وبيعت من الله النُّفُوس , ودارت للآجال الكؤوس , حَتَّى أثمر النَّصْر ثمراته الْمَعْهُودَة , فافترعت الشرفات المفترشات , وأصبحت المسافات تطأها الْآفَات , وَدخلت الْمَدِينَة , وَالْقُدْرَة لله غلابا , وتقسمتها أَيدي الْإِسْلَام، قتلا واستلابا، فَأخذت جذل الرماح على كفارها بِوَجْه الْأَزِقَّة، واقتطعوا بَين عياث الْأَيْدِي المستهلكة والمسترقة فاستبيحت المقاصير والقصور، واقتحمت الديرة والدور، وخسفت فِي مطالع بروجها الْكَافِرَة البدور، وانتسفت الأقوات، وأوقع بالْكفْر الْفَوات، وأخليت من سروج فرسانهم الصهوات، وأيمت من آبايها الإخوان وَالْأَخَوَات، وَكَانَ مسورها الَّذِي تعاصي عَن الذرع والمساحة فوره، وتعدى حُدُود الْمَدِينَة الرحيبة طوره، قد اسْتوْدعت أقصيته، تعم مسارحها الَّتِي أخافها الْخلاف، وأمم فحوصها الفيح الَّتِي يخْشَى عَلَيْهَا الْإِتْلَاف، فألفاها الْمُسلمُونَ ألوفا لَا تحصى، وحملا عسر إبرازه على الْجَبَل واستعصى، فَتَنَاولهَا الانتهاب والاقتسام، وأمهلت هضابها الجسام، وأقيمت لَهَا فِي هَذَا الميلاد الْكَرِيم المواسم الوسام. وَأما الْأَمْوَال الموصلة، والخزاين المجملة المفصلة، فأعيا نقلهَا الظُّهُور، واستغرق الْأَيَّام بل الشُّهُور. ولجأ الفل من أَهلهَا إِلَى القصبة الَّتِي تسع الْجُمْلَة، وتوهم المعتصم بهَا الْعَطف والمهلة، واستماتوا من وَرَاء سورها العَاصِي الْبناء، وأبلوا من دون الْحَرِيم وَالْأَبْنَاء. وزحف إِلَيْهِم الرِّجَال، حَتَّى ضَاقَ بهم المجال، ورشقتهم السِّهَام بمالا تتصوره الأوهام، وأمطرت عَلَيْهِم السَّمَاء حِجَارَة الْقَذْف، وشرعت إِلَى أسمائهم عوامل الْحَذف، وأسفوا على المتالف، وَرَأَوا فِي أنفسهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>