وأفضنا الْعَطاء فِي المرتزقة، وفتحنا الدَّوَاوِين الملتحفة، وحملنا من نفق فِي سَبِيل الله جَوَاده، وأعنا من قصر عَن مُؤْنَته زَاده. وَخَرجْنَا والتوكل على الدَّلِيل، والمواكب الظَّن الْجَمِيل، ومتعود الصنع للظل الظليل، وَكلمَة الله الْعليا الْعلم الَّذِي لَا يمِيل، فخيمنا على أَمْيَال من الحضرة، مخيما بَادِي الوفور، محفوفا بالعز الْمَشْهُور، والنصر الرايق الشُّعُور. ثمَّ دَخَلنَا بعد مراحل ضفة الْوَادي الْكَبِير من أحوازها المستباحة، وعمالتها المخروبة الساحة، والعدو بعرصة جسر عَال، مثل فَوْقه حصن حُصَيْن يمْنَع العابر، ويصد الْوَارِد والصادر، فألفيناه وَقد قد ضَابِط دربه، وقيوم سلمه وحربه، فأغنانا الله [عَن فض] غلقه واقتحمناه تجْرِي فَوْقه سيول الحشود، وَنشر النَّمْل غير المحصور وَلَا الْمَمْدُود، لَا بل قطايع الليوث الغلب وَالْأسود. وَلما صبحنا ساحتها وأزمعنا بعزة الله استباحتها، نَظرنَا إِلَى مَدِينَة هايلة، عمارتها فِي الأَرْض الفضاجايلة، وأدواحها الأشبة مايلة، ومحاسنها متبرجة متخايلة، ومنعتها دون من اعْتصمَ بهَا إِلَّا من الله حايلة، بنت جبان فِي ملأتها سَعَة جناب، وتبحر فلح وأعناب، بلد التِّجَارَة الَّتِي يعْمل إِلَيْهَا سير الرفاق، من نازح الْآفَاق، والمآرب الآمنة مساعيها من الإخفاق، والمصر الشهير الْعِمَارَة، الفسيح الإثارة، فَإِذا ذكرت الأمات فإليها يشار، وَإِذا تشوقت المعاطن. فلهَا تحن العشار. فَقُلْنَا اللَّهُمَّ سهل صعبها، وأسفل كعبها، وَاجْعَلْهَا لِعِبَادِك أنفالا، واترك معالمها إغفالا لرمي النَّصْر ثقالا، واقطع عمالتها ليدي الخراب، واصرع آناف مبانيها السامية فِي التُّرَاب، وصيرها عِبْرَة لأولي الْأَلْبَاب. ثمَّ نهدنا فأدرنا الجموع بالأسوار دور السوار، بعد أَن عممنا بكتايب الدَّار ظُهُور النجادة، وبطون الأغوار، وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا طيور المنيات من أوكار الْحَيَّات، ورجعنا بذوات الأدراج إِلَى الأبراج، وعاطينا حَربًا تبرجت لأبطالها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute