للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كل عَامر وغامر، وائتمر الجم من دَعْوَة الْحق إِلَى أَمر آمُر. وَآتى النَّاس من الفجوج العميقة رجَالًا، وعَلى كل ضامر، وكاثرت الرياض أزهار البطاح لونا وَعدا، وسدت الحشود مسالك الطّرق العريضة سدا وَمد بحرها الزاخر مدا، فَلَا يجد لَهَا النَّاظر وَلَا المناظر حدا. وَهَذِه الْمَدِينَة هِيَ الْأُم الْوَلُود، وَالْجنَّة الَّتِي فِي النَّار لسكانها الخلود، وكرسي الْملك، ومجنبته الْوُسْطَى من ذَلِك السلك، باءت باالمزايا العديدة ونجحت، وَعند الْوزان بغَيْرهَا من أمات الْبِلَاد رجحت، غَابَ الْأسود وجحر الْحَيَّات السود، ومنصب التماثيل الهائلة، ومعلق النواقيس الصايلة. وأدنينا إِلَيْهَا المراحل، وعينا ببحار المحلات المستقلات مِنْهَا على السَّاحِل. وَلما اكتسبنا جوارها، وكدنا نلتمح نارها، تحركنا، ووشاح الْأُفق المرقوم بزهر النُّجُوم، قد دَار دايره، وَاللَّيْل من خوف الصَّباح [على سرحه المستباح] قد شابت غدايره، والنسر يرفرف بِالْيمن طايره، والسماك والرماح يثأر بعز الْإِسْلَام ثائره، والنعايم راعدة [فرائص] الْجَسَد من خوف الْأسد، والقوس يُرْسل سهم السَّعَادَة، بِوتْر الْعَادة، إِلَى أهداب النعم الْمُعَادَة، والجوزاء عابرة نهر المجرة، والزهرة تغار من الشعرى، العبور بالضرة، وَعُطَارِد يسدي فِي حَبل الحروب على الْبَلَد المحروب ويلحم، ويناظر أشكالها الهندمية فيفحم، والأحمر يبهر، وَالْعلم [الْأَبْيَض يفري وينهر] وَالْمُشْتَرِي يُبْدِي فِي فضل الْجِهَاد وَيُعِيد، ويزاحم فِي الحلقات على مَا للسعادة من الصِّفَات وَيزِيد، وزحل عَن الطالع منزحل، وَفِي زلق السُّقُوط وَحل، والبدر يطارح حجر المنجنيق كَيفَ يهوى إِلَى النيق، ومطلع الشَّمْس يرقب، وجدار الْأُفق يكَاد بالعيون عَنْهَا يرقب

<<  <  ج: ص:  >  >>