وَلما فَشَا سر الصَّباح، واهتزت أعطاف الرَّايَات لتحيات مُبَشِّرَات الرياحٍ، أطلنا عَلَيْهَا إطلال الْأسود على الفرايس، والفحول على العرايس، فَنَظَرْنَا منْظرًا يروع بَأْسا ومنعة، ويروق وضعا وصنعة، تلفعت معاقله الشم للسحاب ببرود، ووردت من عذر المزن فِي برود , وأسرعت لاقتطاف أزهار النُّجُوم [والذراع بَين النطاق] معاصم رَود , وبلد يعي الماسح والدراع , وينتظم المجاني والأجارح. فَقُلْنَا اللَّهُمَّ نفله أَيدي عِبَادك وبلادك , وأرنا فِيهِ آيَة من آيَات جهادك. فنزلنا بساحتها العريضة الْمُتُون , نزُول الْغَيْث الهتون , وتيمنا من فحصها الأفيح , بِسُورَة التِّين وَالزَّيْتُون , متبرية من أَمَان الرَّحْمَن للبلد الْمفْتُون , وأعجلنا النَّاس بحمية نُفُوسهم النفيسة , وسجية شجاعتهم البييسة، عَن أَن نبوي لِلْقِتَالِ المقاعد، وندني بأسماع شهير النفير مِنْهُم الأباعد. وَقبل أَن يلتقي الخديم بالمخدوم، ويركع المنجنيق رَكْعَتي الْقدوم، فدافعوا من أصحر إِلَيْهِم من الفرسان، وَسبق الى حومة الميدان، حَتَّى أحجروهم فِي الْبَلَد، وسلبوهم لِبَاس الْجلد، فِي موقف يذهل الْوَالِد عَن الْوَلَد، صابت السِّهَام فِيهِ غماما، وطارت كأسراب الْحمام تهدي حَماما، وأضحت القنا قصدا بعد أَن كَانَت شهابا رصدا، وماج بَحر القتام بأمواج النصول، وَأخذ الأَرْض الرجفان لزلزال الصَّباح الْمَوْصُول، فَلَا ترى إِلَّا شَهِيدا تظلل مصرعه الْحور، وصريعا تقذف بِهِ الى السَّاحِل تِلْكَ البحور [ونواشب تبأى] بهَا الْوُجُوه الوجيهة عِنْد الله والنحور. فالمقضب فوده يخصب، والأسمر غصنه يستثمر، والمغفر حماه يخفر، وَظُهُور القسى تفصم، وعصم الْجند الكوافر تفصم، ودرق اليلب فِي المنقلب يسْقط،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute