والبتر يكْتب، والسمر تنقط. فاقتحم الربض الْأَعْظَم لحينه، وَأظْهر الله لعيون المبصرين والمستبصرين عزة دينه، وتبرأ الشَّيْطَان من خدينه، وبهت الْكفَّار وخذلوا، وكل مصرع جدلوا. ثمَّ دخل الْبَلَد بعده غلابا، وجلل قتلا واستلابا، فَلَا تسل إِلَّا الظبا والأسل عَن قيام سَاعَته، وهول يَوْمهَا وشناعته، وتخريب المبايت والمباني، وغنى الْأَيْدِي من خزاين تِلْكَ المغاني، وَنقل الْوُجُود الأول إِلَى الْوُجُود الثَّانِي، وتخارق السَّيْف فجار بِغَيْر الْمُعْتَاد، ونهلت القنا الردينية من الدما حَتَّى كَادَت تورق كالأغصان المغترسة والأوتاد، وهمت أفلاك القسى وسحت، وأربت حَتَّى بحت، ونفذت موادها فشحت بِمَا ألحت، وسدت المسالك جثت الْقَتْلَى فمنعت العابر، واستأصل الله من عدوه الشأفة وَقطع الدابر، وأزلف الشَّهِيد، وأحسب الصابر، وسبقت رسل الْفَتْح الَّذِي لم يسمع بِمثلِهِ فِي الزَّمن الغابر، تنقل الْبُشْرَى من أَفْوَاه المحابر إِلَى أَذَان المنابر.
أَقَمْنَا بهَا أَيَّامًا نعقر الْأَشْجَار، ونستأصل بالتخريب الوجار، ولسان الانتقام من عَبدة الْأَصْنَام يُنَادي يَا لثارات الْإسْكَنْدَريَّة تشفيا من الْفجار، ورعيا لحق الْجَار. وقفلنا وَأَجْنِحَة الرَّايَات برياح العنايات خافقة، وأوفاق التَّوْفِيق الناشية من خطوط الطَّرِيق وأسواق الْعِزّ بِاللَّه نافقة، وحملاء الرِّفْق مصاحبة، وَالْحَمْد لله مرافقة، وَقد ضَاقَتْ ذروع الْجبَال عَن أَعْنَاق [الصب السيال] ، وَرفعت على الأكفال ردفا كرايم الْأَنْفَال، وقلقلت من النواقيس أجرام الْجبَال، بالهندام والاحتيال، وَهَلَكت بِهَلَاك هَذَا الْأُم بَنَات [كن يرتضعن] ثديها الحوافل، ويستوثرن حجرها الكافل. وَشَمل التخريب أسوارها، وعجلت النَّار بوادرها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute