نَصره، إِلَى هَذِه الْبِلَاد الأندلسية عايد، ومدد سعادته فِي أقطار هَذَا الْقطر متزايد، فَكيف لَا تتهلل وُجُوه أهليها، وتبدو الكآبة على الْعَدو الَّذِي يَليهَا، وَكَيف لَا ترْتَفع بالشكر أيديها، وَيقوم على هضبة الاستبشار مناديها. بِظُهُور من يكف أَيدي عواديها، ويتكفل بَرى صاديها، وَإِن نبأ هَذَا الْفَتْح فِي قلب الْعَدو لكبير، وعَلى سَمعه لأثقل من رضوى وثبير، فمما لَا يفْتَقر إِلَى تمهيد وَتَقْرِير، أَن الْجِهَاد لَا يزَال تجاه ذَلِك الْمقَام الْكَرِيم وَنصب عينه، وَأَن الظُّهُور على أَعدَاء دين الله دين لحسامه وَهُوَ لَا ينَام عَن اقْتِضَاء دينه. فَمَا هم النُّفُوس الْكَرِيمَة، إِلَّا اكْتِسَاب المناقب الفاخرة، وَلَا بعد تَحْصِيل الْفَوْز بالدنيا إِلَّا حَدِيث الْآخِرَة [وَلَا وَرَاء تمهيد] الْأمة الْمسلمَة، إِلَّا قتال الْأمة الْكَافِرَة. وأننا وجهنا كتَابنَا ليخطب فِي هَذَا الهنا، بمبلغ الْجهد ووسع الْغِنَا، واخترنا للوفادة بِهِ من يَنُوب عَنَّا فِي هَذَا الْغَرَض، وَيقوم للْوَقْت بواجبه المفترض، وهم صُدُور إيالتنا، ودرر لبات عمالنا، فلَان وَفُلَان، وصل الله إعزازهم وكرامتهم. ويمن ظعنهم وإقامتهم، وأوفدناهم على بَابَكُمْ الْمَقْصُود، وشرعة مملكتكم المزدحمة بالوقود، وهم يلقون إِلَى مقامكم فِي تَقْرِير ودادنا، والتنبيه على مِقْدَار اعتدادنا مَا نعلم أَن قَوَاعِده لديكم غير مفترقة، للتقرير بِمَا عنْدكُمْ من إشراق البصيرة، وثقوب الضَّمِير، فتفضلوا بِالْقبُولِ الْمَعْهُود، وأوردوه من بركم أعذب الْوُرُود، ومهدوا لَهُم جناب الإغضاء فِيمَا قصروا فِيهِ عَن الْغَرَض الْمَقْصُود. وَالله تَعَالَى يصل لكم أَسبَاب السُّعُود، وَيجْعَل لكم عزمكم فِي الْجِهَاد صَادِق البروق والرعود، وَيبقى مِنْكُم على الْأَنَام مثابة الْجُود، وفخر الْوُجُود. وَالسَّلَام عَلَيْكُم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute