للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخولكم وَصلهَا، لم يقْدَح فِيهِ ملل الْمُجَاورَة، وليهن مقامكم الَّذِي أقَال العثار، وخلد الْآثَار، وَأخذ الثار، مَا منحه الله من الغر الصَّادِق والبرق، وَالْفَتْح الَّذِي وصل يَد الغرب إِلَى الشرق، فَلَقَد جمع حسامكم الْمَاضِي المضرب، من مدينتي تلمسان وفاس، بَين عقيلتي الْمغرب، للأولى مِنْهُمَا الْأَصَالَة والمجادة، وَالثَّانيَِة العلاقة والودادة، وَكِلَاهُمَا الْحسنى وَالزِّيَادَة. فَإِن فخرت هَذِه بنصبة الْملك. فخرت تِلْكَ بنصبة الْولادَة. وَيَا بشرى لهَذَا الْقطر الْغَرِيب، الَّذِي يمد إِلَى عَزمَات جهاتكم يَد الرَّاغِب، ويرتقب ارْتِفَاع الشواغل والشواغب، بِمَا استروحه من صرف الاستعداد إِلَى أعدائه، والإهطاع إِلَى ندائه، والشروع فِي معالجة دائه. وَإِن منى بالادكار من تَملكهَا، وأدار على قطب السياسة فلكها، وَجب الهنا بِالْحَقِّ لقطر تملكتموه، وَملك قبضتم عنان أمره وأمسكتموه. فقد جعل الله مقامكم كعبة الآمال، وَجمع فِيكُم مَا تفرق من أَخْلَاق الْكَمَال. بَارك لكم فِي الْعَطِيَّة من وَهبهَا، وراض لكم متن المطية من دالها وأركبها. وإننا لما استجلينا عَن زهرَة الْفتُوح الضاحكة المباسم، والصنايع الَّتِي ألبست الْأَيَّام، أَثوَاب المواسم، رَأينَا غَايَة الشُّكْر بعيدَة عَن إِدْرَاك الْبَيَان، وَأَن الإيجاز فِيهَا والإسهاب سيان. فَلَو طالبنا بِهَذِهِ الْوَظِيفَة أبان لما أبان، أَو دَعونَا لَهَا سحبان، لَكَانَ فِي ميدانها الجبان. وَلَو استعنا بِعَبْد الحميد لم نجده فِيهَا حميدا، أَو نبهنا لَهَا ابْن العميد لأضحى عميدا، أَو أردنَا لبيدا لانقلب بليدا، وَلَو أَقَمْنَا لَهَا الصاحب لقعد، أَو كلفناها ابْن هِلَال لرآها من أَبِيه أبعد. إِنَّمَا هُوَ عذر يبلغ، وإغضاء يسوغ، وَمن الْمَعْلُوم أَن أوداء ذَلِك الْمقَام الْكَرِيم، إِن أخذُوا [من مسرته] بحظ، استأثرنا بجملتها، أَو تمسكوا مِنْهَا بِمذهب، قمنا بملتها، وَإِن هنوه بصنع، قدمنَا نَحن هُنَا أَنْفُسنَا بِهِ، أَو توسلوا بزمام حب، سبقنَا فِي حلبة أحبابه، وَإِن حَدِيث

<<  <  ج: ص:  >  >>