للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا تزَال ترهب مِنْهَا تِلْكَ الْقُوَّة مَا بقيت، وَأَن سلككم قد اتسق نظامه، وملككم قد تيَسّر من الظُّهُور مرامه، فبادرنا بهنايكم مبادرة الخلوص الَّذِي لَا يشوبه الريب، والتشيع الَّذِي يتساوى مِنْهُ الْمحْضر والغيب، وقياما بِحَق أخوتكم الَّتِي سبق أفضالها، وكرمت فِي سَبِيل الله أَعمالهَا، وعلما بِأَن نيتكم فِي الْجِهَاد، ستشرق بِهَذِهِ الْبِلَاد [غرر] محاسنها المجلوة، ويبرز سر طباعها، إِلَى عَالم الْفِعْل من عَالم الْقُوَّة. فَمن مَدِينَة مراكش [حرسها الله] هبت ريَاح النَّصْر فِيمَا سلف من الدول، وفيهَا تحركت لنصر الدّين همم الْمُلُوك الأول، وطاروا إِلَى إغاثة هَذِه الْبِلَاد ببيض الصفاح وَسمر الأسل، حَتَّى قصوا جنَاح الشّرك، وأوقعوا وقيعتي الزلاقة والأرك، وَلَعَلَّ الثَّالِثَة إِن شَاءَ الله، تنْسب إِلَى سَعَادَة تِلْكَ الْمَدِينَة الَّتِي حللتم، وَهَذِه الأمنية تكون ثَمَرَة الْحَرَكَة الَّتِي أعملتم. وَلَا تسلوا عَمَّا عندنَا لكم من الْحبّ الَّذِي خلص لبابه، وتوفرت وَالْحَمْد لله أَسبَابه، فقد تقرر فِي مدونة الصدْق بَابه، وتألق شهابه. فَلَمَّا أَخذ التَّحْقِيق مأخذه من هَذَا الْخَبَر، واقتضت مِنْهُ الحكم أدوات النّظر، لبينا من حق الهنا الْوَاجِب الندا، وبادرنا قبل فَوَات الْوَقْت الْأَدَاء، علمنَا بِأَن مقامكم لَا يحجب وَجه رِضَاهُ عَن عذر، وَلَا يلقى من يرد عَلَيْهِ إِلَّا بترحيب وبر، وَبِذَلِك جمع الله الْقُلُوب على وده، وصنع الصنايع لمجده، واطلع على الْآفَاق أنوار سعده. وَالله سُبْحَانَهُ يصل سعدكم، ويحرس مجدكم. وَالسَّلَام الْكَرِيم عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته. وَكتب فِي كَذَا من التَّارِيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>