الَّتِي كَانَت لما كتبه الله من ظُهُور مقامكم عنوانا، وَلما أجمله من خطاب سعادتكم بَيَانا، وأنكم شرعتم فِي فصل الْبِلَاد المراكشية الَّتِي مناصلها مَاضِيَة، وأغراضها [لديون الآمال] متقاضية، لم تزل النُّفُوس، تهوى إِلَيْكُم تشوقا للأنبا واستطلاعا، والحواس التماسا لأخباركم السايرة قد صَارَت كلهَا أسماعا. فَمَا سلكتم من وجهتكم طَرِيقا إِلَّا اتخذنا القلق رَفِيقًا، والتمسنا خَبرا يكون بالركون إِلَيْهِ خليقا، واعتلفنا من الدُّعَاء لكم بِمَا فِيهِ الْخَيْر والخيرة سَببا وثيقا، وَالْأَخْبَار مَعَ ذَلِك أسانيدها مقلة، [وطرقها مختلة] فَمِنْهَا المهمل والمقطوع، والضعيف والموضوع، لَا يجد التَّرْجِيح بَين متعارضها مسلكا، وَلَا يقتبس من جُمْلَتهَا نور صدق يجلو من الالتباس حلكا. فَأَقَمْنَا نرتقب حَدِيثا يحصل بِهِ الْعلم، وَيَنْبَنِي على أَصله الحكم، إِلَى أَن تحقق الْآن لدينا مَا سناه الله لكم من الِاسْتِيلَاء على تِلْكَ الأوطان [ودخولكم لمستقر أمرهَا الرفيع الْأَمر والشان] وَأَن الله [تَعَالَى] أجْرى لكم عَادَة الظفر لما شبت نَار الْحَرْب، وَعقد لكم صَفْقَة الظُّهُور فِي سوق الطعْن وَالضَّرْب، فجنيتم ثَمَرَة الْعَزْم عذَابا جناها، واجتليتم وُجُوه السعد يبهر سناها، وَأَن ركابكم اسْتَقر [أمره] بِمَدِينَة مراكش دَار الْملك الْقَدِيم، والبقعة الطّيبَة الْأَدِيم، والقطر الَّذِي جمع من الْمرَافِق مَا تفرق فِي الأقاليم، حَيْثُ الْخَيل وَالْخَيْر، والخطة الفسيحة، يعيا عَن بُلُوغ مداها الطير، والجباية الدارة الأخلاف، والربوع المتوفرة الآلاف، وَالْمَدينَة الَّتِي رغمت الرّوم بسعادة نصبتها وشقيت [وَلَقِيت من جَزَاء نسبتها] نسبتها على الْأَيَّام مَا لقِيت،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute