وتنفيه، وغرماء كرة الْإِسْلَام تَقْتَضِي مِنْهُ دينهَا وتستوفيه، والخزي قد جلل سباله الصهب، وحناء الدما قد خضبت مشيخته الشهب، والغلب قد أخضع رقابه الغلب، فكم من غريق أردته دروعه [لما حشي بالروع روعه] وطعين نظمت بالسمهري ضلوعه، فغلبوا هُنَالك وانقلبوا صاغرين، وأحق الله الْحق بكلماته، وَقطع دابر الْكَافرين، و " كم من فِئَة قَليلَة غلبت فِئَة كَبِيرَة بِإِذن الله، وَالله مَعَ الصابرين ". فأى رَحْمَة منشورة ضفت على الْإِسْلَام ظلالها، وخطة نعْمَة اتَّسع نطاقها ورحب مجالها، ومجلى صَنِيعَة راق عُيُون الْمُؤمنِينَ جمَالهَا، واهتزت بهَا الأَرْض وربت، وبشكر الله جلّ جَلَاله أعربت، واستبشرت [النُّفُوس] وَذهب الْبُؤْس، وضفى بمنة الله اللبوس، وَظَهَرت عناية الله بمقامكم، وإقالة عَثْرَة الْإِسْلَام فِي أيامكم، فَمَا كَانَ سُبْحَانَهُ لِيُضيع لكم خدمَة ... الْحَرَمَيْنِ، أَنَّهَا الْوَسِيلَة الْكُبْرَى، والذريعة إِلَى سَعَادَة الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى، وَهِي عُهْدَة الله الَّتِي يصونها من كل اهتضام، وقلادته الَّتِي مَا يَتْرُكهَا بِغَيْر نظام. وَكَانَ من لطائف هَذَا الْفَتْح الَّذِي أجزل الْبُشْرَى، وأوسع أَعْلَام الْإِسْلَام نشرا، وُرُوده بعد أَن شفيت الْعلَّة، ونصرت الْملَّة، وَبعد أَن جَفا الدَّهْر وتجافا وعادا، ثمَّ صافا، وهجر ووافى، وأمرض ثمَّ عافا، فَلَو ورد مقدمه ثمَّ تاليه، ونقده مُتَأَخّر عَن كاليه، أَو كَانَت أواخره بَعيدا مَا بَينهَا وَبَين أواليه، لأوجست الظنون وَسَاءَتْ، وَبَلغت الهموم من النُّفُوس مَا شَاءَت، فَإِن الْإِسْلَام كالجسد يتداعى كُله لتألم بعضه، ويتساهم إخوانه فِي بَسطه وَقَبضه، وسماؤه مرتبطة بأرضه، ونفله مُتَعَلق بفرضه، فَالْحَمْد لله الَّذِي خفف الأثقال، وزار وأقال، وسوغ فِي الشُّكْر الْمقَال، وَجمع بَين الْقُلُوب وإنالة الْمَطْلُوب. وَإِن وجد الْعَدو طعم الْإِسْلَام مرا لما ذاقه، وَعوده صلبا فَمَا أطاقه، وَرفع عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute