للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الغريبة عَداهَا، وَإِلَى هَذَا أيدكم الله بنصر من عِنْده، وَوصل لملككم أَسبَاب سعده، فَإنَّا وصلنا كتابكُمْ المرفع، عرفتمونا فِيهِ بِمَا كَانَ من استبشار الله بِمحل والدنا السُّلْطَان الباهر العالي، الَّتِي اعْترفت بعظيم قدره أَلْسِنَة الْأَيَّام والليالي، والدكم تغمد الله لحده من الرَّحْمَة بغمام، وحشره فِي زمرة من يُخَاطب عِنْد بَاب الْجنَّة ادخلوها بِسَلام، فَلَو لم يكن لَهُ من المآثر الَّتِي يسْتَحق بهَا الْحَمد، ويسترق الْمجد، إِلَّا أَن كُنْتُم سلالته، وورثتم بِالْحَقِّ جلالته، لَكَانَ فخرا لَا يُنَازع فِي حَقه، وَلَا يضايق فِي طرقه، فَإنَّا لله تَسْلِيمًا لحكمه الحتم، وتفويضا إِلَى أمره الْجَزْم، سَبِيل مُبين، وَقصد يَدْعُو إِلَى الصَّبْر فِيهِ عقل وَدين. من ذَا الَّذِي سَالم الْأَيَّام فَسلم من غوائلها، وتمتع بطالعها، جعلنَا الله مِمَّن عمل عملا بَاقِيا، واسلف سعيا صاعدا [إِلَى مَحل الْقبُول] راقيا. وَنحن مهما اعْتبرنَا هَذَا الْحَادِث على انْفِرَاده، وَلم نَنْظُر إِلَى أضداده، بلغ منا الوجد إِلَى غَايَة مُرَاده. وَإِذا نَظرنَا إِلَى أَصْحَاب الدَّهْر، بعد تصعب قياده، وَلما أنعم الله بِهِ من ارْتِفَاع سمك الدّين واستقامة عماده، وَإِن الميدان سلم إِلَى جَوَاده، والغيل إِلَى اسد آساده، وَالْإِسْلَام ظفر بمراده، بِمَا كَانَ من خلوص الْأَمر إِلَيْكُم، وَحُصُول أزمته فِي يديكم، انقلبت الْحَسْرَة حبرَة، والكآبة نعيما ونضرة، وَعَاد الْغم مَسَرَّة. وَقُلْنَا هَذِه نعْمَة بِأَيّ لِسَان تشكر، وَبشَارَة مثلهَا يردد وَيذكر. الْآن صدقت الآمال فِي حَافظ الدّين وناصره، وَالْكَفِيل برعى أواصره، لقد آن للخيل أَن يظْهر عَلَيْهَا المراح، ولصدور المراكب أَن يشملها الانشراح، وللسيوف أَن تضحك مِنْهَا المباسم، لوأقلام الرماح، أَن تحيا بهَا للجياد المراسم. وَقد كُنَّا عِنْد استجلاء هَذَا الْخَبَر قمنا فِي طرفِي المساهمة بِالْحَقِّ الْوَاجِب، وسرنا من الْبر على السّنَن اللاحب، وعينا من يفد على مقامكم الْعلي الْجَانِب. وأبرمنا الْأَمر فِي ذَلِك إبرام الْحبّ الصافي المشارب، وذهبنا من عزائكم وهنائكم فِي أوضح الْمذَاهب. فَلَمَّا ورد الْآن كتابكُمْ أعدنا مَا أصدرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>