ترميه بِعرْض. وداء الْمَوْت قديم، وفريه لَا يبْقى عَلَيْهِ أَدِيم، وكاسه يشْربهَا مُوسر وعديم، دبت إِلَى كسْرَى الْفرس عقاربه، وَلم تَمنعهُ أساورته وَلَا مرازفه، وَقصر قَيْصر عَن مشاربه، وابتز سيف ابْن ذِي يزن من غمدانه، وَلم ترعه مضاربه، وَأرى تبعا فَلم يكن فِي اتِّبَاعه من يحاربه وَكم فِي الْإِسْلَام من مُلُوك أولى فَخر مَا بَين بني الْعَبَّاس وَآل صَخْر، فَأَيْنَ مَرْوَان ودواره وَأَبُو الْأَمْلَاك وبهاره، والوليد وأبناؤه، وَسليمَان وآلاؤه، وَعمر وثناؤه، وَيزِيد وظباؤه، وَهِشَام وآباؤه، والجعدي وآراؤه، وَأَيْنَ السفاح وحسامه، والمنصور واعتزامه، وَالْمهْدِي وإعظامه، وَالْهَادِي وإقدامه، والرشيد وأيامه، والأمين وندامه، والمأمون وَكَلَامه، والمعتصم وأسراجه وألجامه، وَغَيرهم مِمَّن طلع بالغرب شمسا، وَأصْبح فِي مرضاة الله وَأمسى عمر رمسا، وَفَارق إلفا وجنسا. لم تدافع عَنْهُم الْجنُود المجندة، وَلَا الصفاح المهندة، وَلَا الدروع المحكمة، وَلَا الثِّيَاب المعلمة، وَلَا الْجِيَاد الجرد المسومة، وَلَا الرماح المثقفة المقومة. كل نَدم على مَا قدم، وجد إِلَى مَا أعد، جعلنَا الله مِمَّن يسر لنَفسِهِ زادا، وَقدم بَين يَدَيْهِ رِبَاطًا شافعا لَدَيْهِ وجهادا، ووثر لنَفسِهِ بمناصحة الله وَالْمُسْلِمين فِي أَعلَى عليين مهادا، وطوق للْمُسلمين فضل وعدلا وأمدادا. غير أَن هَذِه الفاجىء الَّذِي فجع، وَمنع الْقُلُوب أَن تقر والعيون أَن تنجع، غمرته الْبُشْرَى، وغلبته المسرة الْكُبْرَى، وعوضته من بقائكم الْآيَة المحكمة الْأُخْرَى، فاضمحل من بعد الرسوخ، وَصَارَ دَلِيله فِي حكم الْمَنْسُوخ، بِمَا كَانَ من استخلاصكم الْملك الَّذِي أَنْتُم أَهله، واختياركم الْمجد الَّذِي أشرق بكم مَحَله، وَكَيف لسهم أَخطَأ ذاتكم الشَّرِيفَة أَن يُقَال فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute