وَيسر وجهته، لما ورد علينا، وَاسْتقر لدينا، وَهُوَ جملَة من جمل الْفضل، والمستولى على أمد الخصل، وَفَارِس المنابر يروض صعابها ويفرع هضابها، قمنا جهد إمكاننا بِحقِّهِ، وعرفنا لَهُ مزية سبقه، واقتدينا بكم وبسلفكم فِي ترفيع قدره، والمثابرة على بره، وسوغنا لمستفيد الْعلم مورد إفادته، وشددنا عَلَيْهِ يَد الِاغْتِبَاط فِي إبدائه وإعادته، إِذْ هَذَا الْقطر الْمُنْقَطع، يتوفر فِيهِ الِاغْتِبَاط بحملة السيوف وَحَملَة الْعُلُوم، هَؤُلَاءِ لإِقَامَة الْجِهَاد المحتوم، وَهَؤُلَاء لإِقَامَة مَا للدّين من الرسوم. وَمَعَ ذَلِك فَلم يقر لَهُ بتفريق شَمله قَرَار، وَلَا فارقة إِلَيْهِم حنين وَلَا أدكار، [والأوطان هِيَ الْأَركان] وَالْأَوْلَاد ثَمَرَة الْفُؤَاد، وأفلاذ الأكباد. وَلما صدر فِيمَا تقدم من التمَاس وصولهم مَا لم يهيئه الْمِقْدَار، وَلَا صَحبه الِاخْتِيَار، عزم الْآن، وَالله يسنى توفيقه، ويسهل طَرِيقه، على قصد بَابَكُمْ الْكَفِيل بالأمل، الضمين بنجاح الْعَمَل، ليجدد الْعَهْد بتعظيم مثابته، ويبث مَا يعانيه [بِسَبَب تشتيت] شَمله من كآبته، ويباشر الرَّغْبَة بِنَفسِهِ، واثقا بتلبية الْمقَام الْكَرِيم وإجابته، وَلم يزل مِنْهُ هَذَا الْعَزْم معمل الركاب، مفتح الْبَاب، لَا سِيمَا مَعَ مَا تقدم فِي شَأْنه من مُخَاطبَة ذَلِك الجناب، وَكُنَّا نكل الْأَمر إِلَى اخْتِيَاره عِنْد وُرُود الْخطاب، فيعتذر بِمَا قرر من الْأُمُور الْخَاصَّة والأسباب. والآن أفْصح بتغلب شوقه ووجده، وارتفاع أعذاره، واستقامة قَصده، وَشرع فِي اللحاق ببابكم الْأَعْلَى بغاية جده، وَطلب منا أَن نخاطبكم فِي شَأْنه، ونستمطر لَهُ من مقامكم سحائب إحسانه، ونرغب مِنْكُم فِي تيسير أمله ورغبته،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute