للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله أمله الَّذِي يرتجيه. وَهَذِه الْبِلَاد الأندلسية عصمها الله ووقاها، وَحفظ بهَا كلمة الْإِسْلَام وأبقاها، هِيَ عدَّة لأسلافكم الْكِرَام إِلَى معادهم، ومتجر حسناتهم وركاب جهادهم، وصحيفة أَعْمَالهم الزكية، ومنصة آثَارهم الملوكية، لم يزل بعزائمهم استعدادها، وَمن مكارمهم استمدادها، وَأَنْتُم صميم ذَلِك الْمجد الَّذِي تعودت إعانته وَنَصره، وَعرفت من عوارفه، مَالا يُطَاق حصره، وَأولى من يُحَقّق ظنونها، ويشرح صدورها، ويقر عيونها. وَقد وجهنا إِلَى جبل الْفَتْح مدَدا من الرُّمَاة، وشرعنا فِي اتباعهم بجملة من الرِّجَال الرامحة الحماة، يُقِيمُونَ لنظر من بِهِ بخلال مَا تنبلج الْأَخْبَار وَيظْهر مَا يبرزه اللَّيْل وَالنَّهَار، وعرضنا عَلَيْكُم هَذَا الْقَصْد، الَّذِي مازال سلفكم رضى الله عَنهُ، عَلَيْهِ يثابرون، وبمزيته على الْمُلُوك يفتخرون، ومرضاة الله سُبْحَانَهُ، بمبادرته يبتدرون، وَأَنْتُم تَعْمَلُونَ فِي ذَلِك إِن شَاءَ الله مَا يَلِيق، بمجدكم الْأَصِيل، وحسبكم الأثيل، حملكم الله على مَا يكون لكم فِيهِ الذّكر الحميد، وَالْقَصْد السديد، والعناية الإلهية الَّتِي لَا تبيد. وَهُوَ سُبْحَانَهُ [يصل سعدكم، ويحرس مجدكم] ، وَالسَّلَام الْكَرِيم عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته. وَكتب فِي الثَّالِث عشر لمحرم من عَام خمسين وَسَبْعمائة.

وكتبت عَن أَمِير الْمُسلمين أبي الْحجَّاج رَحمَه الله فِي الْغَرَض الْمَذْكُور

الْمقَام الَّذِي يستظهر الْإِسْلَام بعزماته فِي شدائده الطارقة وأزماته، ويعول على هممه الْعَالِيَة فِي مهماته، ويستنجز فِي النَّصْر على عداته سوابق عداته، ويرتقب غرر الصَّنَائِع الحميدة من مطالع آرابه السعيدة وراياته، مقَام مَحل أخينا الَّذِي سَبَب اعتدادنا بِهِ فِي الله قوى وثيق، وثناؤنا بالمفاخر الْمَوْقُوفَة على ملكه الرفيع طليق، واعتمادنا على مظاهرته وَنَصره لَا يلتبس مِنْهُ طَرِيق، وَلَا يخْتَلف فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>