للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَانْشَقَّ ريَاح الْإِقَالَة. وَجُمْلَة مَا نُرِيد أَن نقرره، فَهُوَ الْبَاب الْجَامِع، وَالْقَصْد الشَّامِل، والداعي والباعث، أَن صَاحب قشتالة، لما عَاد إِلَى ملكه، وَرجع إِلَى قطره، جرت بَيْننَا وَبَينه المراسلة، الَّتِي أسفرت بِعَدَمِ رِضَاهُ عَن كدحنا لنصره، ومظاهرتنا إِيَّاه على أمره، وَإِن كُنَّا قد بلغنَا جهدا، وأنفذنا وسعا، وأجلت عَن شُرُوط ثَقيلَة لم نقبلها، وأغراض صعبة لم نكملها، وَنحن نحقق أَنه إِمَّا أَن تهيج حفيظته، وتثور إحنته، فَيكْشف وَجه الْمُطَالبَة، مستكثرا بالأمة الَّتِي داس بهَا أهل قشتالة، فراجع أمره غلابا، وَحقه ابتزازا واستلابا، أَو يصرفهَا ويهادن الْمُسلمين، بخلال مَا لَا يدع جِهَة من جِهَات دينه الْقَرِيبَة، إِلَّا عقد مَعهَا صلحا، وَأخذ عَلَيْهَا بإعانتها إِيَّاه عهدا. ثمَّ تفرغ إِلَى شفا غليله وبلوغ جهده، وَلَا شكّ أَنَّهَا تجيبه، صرفا لِبَأْسِهِ عَن نحورها، ومقارضة لما وَقع بأطريرة من ضيق صدورها، وَمن سف جمهورها. وكل من لَهُ دين فَهُوَ يحرص على التَّقَرُّب إِلَى من دانه بِهِ، وكلفه وظائف تَكْلِيفه، رجا لوعده، وخوفا من وعيده. وَبِاللَّهِ ندفع مَا لَا نطيق، من جموع تداعت من الْجَزُور، ووراء البحور، وَالْبر الْمُتَّصِل الَّذِي لَا تقطعه الرفاق، وَلَا تحصى ذرعه الحذاق. وَقد أَصْبَحْنَا بدار غربه، وَمحل روعه، ومفترس ضوه، ومظنة فتنه، وَالْإِسْلَام عدد قَلِيل، ومنتجعه فِي هَذِه الْبقْعَة حَدِيث، وَعَهده بالإرفاد. والإمداد من الْمُسلمين بعيد [رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا] . رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصرا كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا، رَبنَا وَلَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ، واعف عَنَّا، واغفر لنا، وارحمنا أَنْت مَوْلَانَا، فَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>