للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالنعْمَة، لَا يسْتَقرّ بقلوبنا الْقَرار، وَلَا تتأتى بأوطاننا الأوطار لما تنتجه لكم الأقدار، ويبرزه من سعادتكم اللَّيْل وَالنَّهَار. ورجاؤنا فِي اسْتِئْنَاف سعادتكم يشْتَد على الْأَوْقَات ويقوى، علما بِأَن الْعَاقِبَة للتقوى، وَفِي هَذِه الْأَيَّام عميت الأنبا، وتكالبت فِي الْبر وَالْبَحْر الأعدا، وَاخْتلفت الْفُصُول والأهوا، وعاقت الوراد الأنوا، وعَلى ذَلِك فَلم يَنْقَطِع من فضل الله الرجا. وَلَو كُنَّا نجد للاتصال بكم سَببا أَو نلقى لإعانتكم مذهبا، لما شغلنا الْبعد الَّذِي بَيْننَا اعْترض، وَلَا الْعَدو الَّذِي بساحتنا خيم فِي هَذِه الْأَيَّام وربض، وَكَانَ خديمكم الَّذِي رفع من الْوَفَاء راية خافقة، واقتنى مِنْهُ فِي سوق الكساد بضَاعَة نافقة، الشَّيْخ [الْأَجَل الْأَعَز المرفع] أَبُو مُحَمَّد بن أجانا، سنى الله مأموله، وبلغه من سَعَادَة أَمركُم سوله، قد ورد على بابنا، وتخير اللحاق بجانبنا، ليتيسر لَهُ من جهتنا عَلَيْكُم الْقدوم، ويتأتى لَهُ بإعانتنا الْغَرَض المروم، فَبَيْنَمَا نَحن نَنْظُر فِي تتميم غَرَضه، وإعانته على الوفا الَّذِي قَامَ بمفترضه، إِذْ اتَّصل بِنَا خبر قرقورتين من الأجفان الَّتِي استعنتم بهَا على الْحَرَكَة، والعزمة المقترنة بِالْبركَةِ، حطت إِحْدَاهَا بمرسى الْمنْكب، وَالْأُخْرَى بمرسى ألمرية، فِي كنف الْعِنَايَة الالآهية، تلقينا فِيهَا من الواصلين بهَا الأنباء المحققة بعد التباسها، وَالْأَخْبَار الَّتِي يُغني نَصهَا عَن قياسها، وتعرفنا مَا كَانَ من عزمكم على السّفر، وحركتكم المقرونة بِالْيمن وَالظفر، وأنكم استخرتم الله فِي اللحاق بالأوطان الَّتِي يُؤمن قدومكم خائفها، ويولف طرائقها، ويسكن راجفها، وَيصْلح أحوالها، ويخفض أهوالها، وأنكم سبقتم حركتها بِعشْرَة أَيَّام، مستظهرين بالعزم المبرور، والسعد الموفور،

<<  <  ج: ص:  >  >>