للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعاث فِي منازلها النَّار، وتمحض عَن سوء عَاقبَتهَا اللَّيْل وَالنَّهَار، وَأَن حماتها يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم، وينادي بالشتات لِسَان مناديهم. وتلاحق بِنَا الفرسان من جبل الْفَتْح، المعقل الَّذِي عَلَيْهِ من عناية الله رواق مَضْرُوب، والرباط الَّذِي من حاربه فَهُوَ المحروب، فاختبرت بانفراج الضّيق وارتفاع العائق لَهَا عَن الطَّرِيق، وبرء الدَّاء الَّذِي أشرق بالريق، وَإِن النصرى دمرهم الله، جدت فِي ارتحالها، وأسرعت بجيفة طاغيتها، إِلَى سوء مآلها، وسمحت للنهب، وَالنَّار بأسلابها وأموالها. فبهرنا هَذَا الصنع الإلهي، الَّذِي مهد الأقطار بعد رجفانها وأنام الْعُيُون بعد سهاد أجفانها. وَسَأَلنَا الله أَن يعيننا على شكر هَذِه النِّعْمَة، الَّتِي إِن سلطت عَلَيْهَا قوى الْبشر فضحتها، أَو قويت بِالنعَم فضلتها ورجحتها. ورأينا سر اللطائف الْخفية، كَيفَ سريانه فِي الْوُجُود، وشاهدنا بالعيان أنوار اللطف والجود، وَقُلْنَا إِنَّمَا هُوَ الْفَتْح شفع بثان، وقواعد الدّين الحنيف، أيدت من صنع الله بَيَان [الْحَمد لله] على نعمك الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة، ومننك الوافرة، أَنْت ولينا، وأمرنا للحين، فقلدت لبات المنابر بِهَذَا الْخَبَر، وجليت فِي جماعات الْمُسلمين وُجُوه هَذَا الْفَتْح الرَّائِق الْغرَر. وعجلنا تعريفكم بِهِ سَاعَة اجتلائه، وَتحقّق أنبائه، لتسحبوا لَهُ أَثوَاب الجذل ضافية، وتردوا بِهِ موارد الأمل صَافِيَة، فَإِنَّمَا هُوَ ستر الله شَمل أَنفسكُم وحريمكم، وأمانه كفى ظاعنكم ومقيمكم، فقرطوا بِهِ الآذان، وبشروا بِهِ الْإِقَامَة وَالْأَذَان، وتملؤوا الْعَيْش فِي ظله، وواصلوا حمد الله، ولي الْحَمد وَأَهله، وانشروا فَوق أَعْوَاد المنابر من خطابه راية مَيْمُونَة الطَّائِر، وَاجْعَلُوا هَذِه الْبشَارَة سَجْدَة فِي فرقان البشائر. فشكرا لله سُبْحَانَهُ، يستدعى الْمَزِيد من نعمه، وَيضمن اتِّصَال كرمه، وَعرفُوا بذلك من يليكم من الرّعية، ليأخذوا بِمثل حظكم، ويلحظوا هَذَا الْأَمر بِمثل لحظكم، فحقيق عَلَيْهِم أَن يشيدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>