للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستضأنا بِنور التَّوَكُّل عَلَيْهِ فِي جنح هَذَا الْخطب، ودجنة ليله، ولجأنا إِلَى الله الَّذِي بِيَدِهِ نواصي الْخَلَائق، واعتلقنا من حبله المتين بأوثق العلائق، وفسحنا مجَال الأمل فِي ذَلِك الميدان المتضايق، وأخلصنا لله مقيل العثار، ومأوى أولى الإضطرار قُلُوبنَا، ورفعنا إِلَيْهِ أمرنَا، ووقفنا عَلَيْهِ مطلوبنا، وَلم نقصر مَعَ ذَلِك فِي إبرام الْعَزْم. واستشعار الحزم، وإمداد الثغور بأقصى الْإِمْكَان، وَبعث الجيوش إِلَى مَا يلينا من بِلَاده على الأحيان، فرحم الله انقطاعنا إِلَى كرمه، ولجأنا إِلَى حرمه، فَجلى سُبْحَانَهُ، بفضله ظلام الشدَّة، وَمد على الْحَرِيم والأطفال ظلال رَحمته الممتدة، وعرفنا عوارف الصنع، الَّذِي قدم بِهِ الْعَهْد على طول الْمدَّة، ورماه بِجَيْش من جيوش قدرته أغْنى عَن إِيجَاد الركاب، واحتشاد الْأَحْزَاب، وَأظْهر فِينَا قدرَة ملكه، عِنْد انْقِطَاع الْأَسْبَاب، واستخلص الْعباد والبلاد من بَين الظفر والناب، فقد كَانَ سد الْمجَاز بأساطيله، وكاثر كلمة الْحق بأباطيله، وَرمى الجزيرة الأندلسية بشؤبوب شَره، وصيرها فريسة بَين غربان بحره، وعقبان بره، فَلم تخلص إِلَى الْمُسلمين من إخْوَانهمْ مرفقة إِلَّا على الْخطر الشَّديد، والإفلات من يَد الْعَدو العنيد، مَعَ توفر الْعَزْم وَالْحَمْد لله على الْعَمَل الحميد، وَالسَّعْي فِيمَا يعود على الدّين بالتأييد. وبينما شفقتنا على جبل الْفَتْح. تقوم وتقعد، وكلب الْأَعْدَاء علينا يَبْرق ويرعد، واليأس والرجا خصمان، هَذَا يقرب وَهَذَا يبعد، إِذْ طلع علينا البشير بانفراج الأزمة، وَحل تِلْكَ العزمة، وَمَوْت شَاة تِلْكَ الرقعة، وإبقاء الله على تِلْكَ الْبقْعَة، وَأَنه سُبْحَانَهُ أَخذ الطاغية أَشد مَا كَانَ اغْتِرَارًا، وَأعظم أنصارا، وزلزل أَرض عزه، وَقد أَصَابَت قرارا، وَأَن شهَاب سعده أصبح آفلا، وَعلم كبره انْقَلب سافلا، وَأَن من بِيَدِهِ ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض طرقه بحتفه، وأهلكه برغم أَنفه، وَأَن محلته عاجلها التباب والتبار،

<<  <  ج: ص:  >  >>