الرّقاب. فالنساء تَقِيّ بِأَنْفُسِهِنَّ أَوْلَادهنَّ الصغار، والطيور ترفرف لتحمى الأوكار، إِذا أحست العياث بأفراخها والإضرار. تمر الْأَيَّام عَلَيْكُم مر السَّحَاب، فَلَا خبر يُفْضِي إِلَى الْعين، وَلَا حَدِيث فِي الله يسمع بَين اثْنَيْنِ، وَلَا كد إِلَّا لزينة يحلى بهَا نحر وجيد، وَلَا سعى إِلَّا فِي مَتَاع لَا يغنى فِي الشدائد وَلَا يُفِيد. وبالأمس دعيتم إِلَى التمَاس رحمى مسخر السَّحَاب، واستقالة كاشف الْعَذَاب، وسؤال مُرْسل الديمة، ومحيي الْبشر والبهيمة، وَقد أَمْسَكت عَنْكُم رَحْمَة السَّمَاء، وأغبرت جوانبكم المخضرة احتياجا إِلَى بلالة المَاء، وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون، وَإِلَيْهِ الأكف تمدون، وأبوابه بِالدُّعَاءِ تقصدون، فَلم يضجر مِنْكُم عدد مُعْتَبر، وَلَا ظهر للإنابة وَلَا للصدقة خبر، وتتوقل عَن الْإِعَادَة الرَّغْبَة إِلَى الْوَلِيّ الحميد، والغنى الَّذِي إِن يَشَأْ يذهبكم وَيَأْتِ بِخلق جَدِيد. وأيم الله لَو كَانَ لهوا، لَا رتقبت السَّاعَات، وَضَاقَتْ المستمعات، وتزاحمت على حَاله وعصيه الْجَمَاعَات. أتعززا على الله وَهُوَ الْقوي الْعَزِيز. أتلبيسا على الله وَهُوَ الَّذِي يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب والمشبه من الإبريز. أمنابذة والنواصي فِي يَدَيْهِ. أغرورا بالأمل وَالرُّجُوع بعد إِلَيْهِ. من يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ. من ينزل الرزق ويفيده. من يرجع إِلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات. من يُرْجَى فِي الشدائد والأزمات. من يُوجد فِي الْمحيا وَالْمَمَات، أَفِي الله شكّ يختلج الْقُلُوب. أَثم غير الله من يدْفع الْمَكْرُوه وييسر الْمَطْلُوب. تفضلون على اللجإ إِلَيْهِ عوائد الْجَهْل ونزه الْأَهْل. وَطَائِفَة مِنْكُم قد برزت إِلَى إستبقاء رَحمته، تمد إِلَى الله الْأَيْدِي والرقاب، وتستكشف بالخضوع لعزته السقاب، وتستعجل إِلَى مواعيد إجَابَته الارتقاب، وكأنكم أَنْتُم عَن كرمه قد استغنيتم، أَو على الِامْتِنَاع من الرُّجُوع إِلَيْهِ بَقِيتُمْ. أما تعلمُونَ كَيفَ كَانَ نَبِيكُم صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه من التَّبْلِيغ باليسير، والاستعداد للرحيل الْحق والمسير، ومداومة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute