نحمد الله حمد معترف بِحقِّهِ، ونشكره على عوائد فَضله ورفقه، الَّذِي جعل لنا الأَرْض ذلولا، نمشي فِي مناكبها، وَنَأْكُل من رزقه، وَنُصَلِّي على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد خيرته من خَلفه، ونستوهب للمقام المولوي اليوسفي النصري، سَعْدا يتلألأ نور أفقه، ونصرا يُتْلَى، بغرب الْمَعْمُور وشرقه:
(وقابلة صف لي فديتك رحْلَة ... عنيت بهَا يَا شقة الْقلب من بعد)
(فَقلت خذيها من لِسَان بلاغة ... كَمَا نظم الْيَاقُوت والدر فِي عقد)
لما وَقع الْعَزْم الَّذِي وَقفه الله على مصَالح هَذِه الجزيرة، وَالْقَصْد المعرب عَن كريم القصيدة، وَفضل السريرة، على تفقد بلادها وأقطارها، وتمهيد أوطانها، وتيسير أوطارها، رأى فِي قَلّدهُ الله أمورها، ووكل إِلَى حمايته ثغورها، مَوْلَانَا وعصمة ديننَا ودنيانا، أَمِير الْمُسلمين، وظل الله على الْعَالمين أَبُو الْحجَّاج، ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُسلمين وكبير الْمُلُوك الْمُجَاهدين الصَّالِحين أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل، ابْن مَوْلَانَا الْهمام الْأَعْلَى، الَّذِي تروى مفاخره وتتلى، أبي سعيد، حفظ الله مِنْهُ على الْأَيَّام بَحر الندا، وَبدر المنتدا، وسابق الْفَخر الْبعيد المدا، وشمله برواق عصمته، كلما رَاح واغتدا، أَن يُبَاشِرهَا بِنَفسِهِ، وَيجْعَل آفاقها مظلة شمسه، نظرا لِلْإِسْلَامِ وقياما بِحقِّهِ، وَعَملا على مَا يقربهُ مِمَّن اسْتَخْلَفَهُ على خَلفه، فِي وجهة حالفها الْغَمَام المستجم، ونصبة قضى لَهَا بالسعد من لَا ينجم، فَكَانَ البروز إِلَيْهَا يَوْم الْأَحَد سَابِع عشر شهر محرم فاتح عَام ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، خرجنَا وصفحة الْأُفق بالغيم متنفسة، وأدمع السحب لوداعنا منسكبة، نتبع من الرَّايَة الْحَمْرَاء دَلِيلا هاديا، ونثق بوعد الله سُبْحَانَهُ فِي قَوْله، وَلَا يقطعون وَاديا. وسلكنا جادة المَاء المفروش، نَسْرَح اللحاظ بَين تِلْكَ العروش، ونبتذل مَا نحلته