للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عروس الرّبيع من تِلْكَ الفروش، وَمن لَهُ بالحضرة حرسها الله شوق حثيث، وَهوى قديم وَحَدِيث، يكثر الِالْتِفَات، ويتذكر لما فَاتَ ويبوح بشجنه، وينشر مُشِيرا إِلَى مَسْكَنه:

(يَوْم أزمعت عَنْك طي البعاد ... وَعَدتنِي عَن البعاد العوادي)

(قَالَ صحبي وَقد أطلت التفاني ... أَي شَيْء تركت قلت فُؤَادِي)

وَرُبمَا غلبته لواعج أشواقه، وشبت زفراته عَن أطواقه، فَعبر عَن وجده، وخاطب الحضرة معربا عَن حسن عَهده:

(أَلا عَم صباحا أَيهَا الرّبع واسلم ... وَدم فِي جوَار الله غير مذمم)

(وَلَا عدمت أرجاؤك النُّور إِنَّهَا ... مطالع أقماري وآفاق أنجم)

(إِذا نسى النَّاس العهود وأغفلوا ... فعهدك فِي قلبِي وذكرك فِي فَم)

(وَإِنِّي وَإِن أزمعت عَنْك لطية ... وفوضت رحلي عَنْك دون تلوم)

(فقلبي لَك الْبَيْت الْعَتِيق مقَامه ... وشوقي إحرامي ودمعي زَمْزَم)

ثمَّ اسْتَقَلت بِنَا الحمول، وَكَانَ بوادي فرذش النُّزُول، منزل خصيب، وَمحل لَهُ من الْحسن نصيب، وَلما ابتسم ثغر الصَّباح، وبشرت بمقدمه نسمات الرِّيَاح، ألفينا عمل السراج إِلَى إلإسراج، وشرعنا فِي السّير الدائب، وصرفنا إِلَى وَادي أنس صروف الركائب، واجتزنا بوادي حمتها، وَقد متع النَّهَار، وتأرجت الأزهار، فشاهدنا بِهِ معالم الْأَعْلَام، وحيينا دَار حمدة بِالسَّلَامِ، وتذاكرنا عمَارَة نواديها، وتناشدنا قَوْلهَا فِي واديها:

(أَبَاحَ الشوق أسراري بوادي ... لَهُ فِي الْحسن آثَار بوادي)

(فَمن وَاد يطوف بِكُل روض ... وَمن روض يطوف بِكُل وَادي)

(وَمن بَين الظبي مهاة تضرسبت ... قلبِي وَقد ملكت فُؤَادِي)

<<  <  ج: ص:  >  >>