(لَهَا لحظ ترقده لأمر وَذَاكَ ... الْأَمر يَمْنعنِي رقادي)
واستقبلنا الْبَلدة حرسها الله فِي تبريز سلب الأعياد احتفالها، وغصبها حسنها وجمالها، نَادَى بِأَهْل الْمَدِينَة، مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة، فسمحت الحجال برباتها، والقلوب بحباتها، والمقاصر بحورها، والمنازل ببدورها، فَرَأَيْنَا تزاحم الْكَوَاكِب بالمناكب، وتدافع البدور، بالصدور، بَيْضَاء كأسراب الْحمام، متنقبات، تنقب الأزهار بالكمايم، حَتَّى إِذا قضى الْقَوْم من سلامهم على إمَامهمْ فرضا، اسْتَوْفَيْنَا أعيانهم، تمييزا وعرضا، خيمنا بِبَعْض رباها المطلة، وسرحنا الْعُيُون فِي تِلْكَ العمالة المغلة، والزروع المستغلة، فحياها الله من بَلْدَة أنيقة الساحة، رحبة المساحة. نهرها مضطرد، وطائرها غرد، تبْكي السَّحَاب فيضحك نورها، ويدندن النسيم فترقص حورها:
(بلد أعارته الْحَمَامَة طوقها ... وكساه ريش جنَاحه الطاؤوس)
(فَكَأَنَّمَا الْأَنْهَار فِيهِ مدامة ... وَكَأن ساحات الديار كؤوس)
معقلها بَادِي الجهامة، تلوح عَلَيْهِ سمة الشهامة، نفقت سوق النِّفَاق دهرا، وخطبتها الْمُلُوك، فَلم ترض إِلَّا النُّفُوس مهْرا، طالما تعرقت وتنكرت، وحجتها نعم الإيالة النصرية فأنكرت، ومسها طائف من الشَّيْطَان ثمَّ تذكرت، فَالْحَمْد الَّذِي هداها، بعد أَن ثَبت يداها، فجف من قنتها مَا نبع، وانقادت إِلَى الْحق، وَالْحق أَحَق أَن يتبع، وتنافس أَهلهَا فِي الْبر الْكَفِيل، والقرى الحقيل، فبتنا نثني على مكارمهم الوافية، ونواضلهم الكافية، وَلم نحفل بقول ابْن أبي الْعَافِيَة:
(إِذا مَا مَرَرْت بوادي الأشا ... فَقل رب من لدغته مُسلم)
(وَكَيف السَّلامَة فِي منزل ... عصبَة من بني الأرقم)
وَلما فاض نهر الصَّباح على البطاح، ونادى مُنَادِي الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح، قمنا للرواحل لارتياد منزل، وأقمنا عَن اتِّبَاع آثارها بمعزل، نظرا للمدينة فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute