للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وصارم يغمد فِي جفون الظلال، يتلاعب بَين أَيْدِينَا شمالا ويمينا، فطورا تنْقَلب عَصَاهُ ثعبانا، وآونة تنعطف صولجانا، وَتارَة تستدير أفلاكا، وَرُبمَا نسجت مِنْهُ أَيدي الرِّيَاح شباكا، وَأم حسن فِيهِ ذَات لسن، تبْعَث فِيهِ بنغماتها لواعج الشؤون، وتقيم دين وَلَدهَا فِي الخلاعة المجون. وسرنا ودر الْحَصَى بِسَاط لأرجل رِكَابنَا، ودنانير أبي الطّيب تنشر فَوق أثوابنا، ترقب نُجُوم القلاع والحصون، من خلال سَحَاب الغصون، والنسوان إِلَى مُشَاهدَة التبريز قد خفت، وبشاطي الْوَادي قد صفت، قد أخذن السنايا، وسددن سِهَام المنايا، عَن حواجب كالحنايا، يشغلن الْفَتى عَن شئونه، ويسلبن الرَّوْض لين غصونه. هَذَا خلق الله، فأروني مَاذَا خلق الَّذين من دونه.

وطالعنا برشانة حرسها الله، فحيتنا ببواكر الْورْد، ونضت عَنَّا برود الْبرد، وشملتنا بالهواء المعتدل، وأظلتنا برواقها المنسدل، بلد أَعْيَان وصدور، ومطلع نُجُوم وبدور، وقلعة سامية الْجلَال، مختمة بالكواكب، متوجة بالهلال، حللناها فِي التبريز الحفيل، والمشهد الْجَامِع بَين الذّرة والفيل، حشر أَهلهَا بَين دَان ونازح، وَمثل حاميتها من نايل ورامح، فَكَانَ [ذَاك الْمُجْتَمع عيدا وموسما سعيدا. وبتنا] فِي لَيْلَة للأنس جَامِعَة، ولداعي السرُور سامعة، حَتَّى إِذا الْفجْر تبلج، وَالصُّبْح من بَاب الْمشرق تولج، سرنا وتوفيق الله قَائِد، وَلنَا من عنايته، صلَة وعائد، تتلقى رِكَابنَا الأفواج، وتحيينا الهضاب والعجاج إِلَى قتورية، فناهيك من مرحلة قَصِيرَة كأيام الْوِصَال، قريبَة الْبكر من الآصال، كَانَ الْمبيت بِإِزَاءِ قلعتها السامية الِارْتفَاع، الشهيرة الِامْتِنَاع، وَقد برز أَهلهَا فِي العديد وَالْعدة، والاحتفال الَّذِي قدم بِهِ الْعَهْد على طول الْمدَّة، صُفُوفا بِتِلْكَ الْبقْعَة خيلا ورجلا، كشطرنج

<<  <  ج: ص:  >  >>