للريح، ومنابت للسدد والشيح، سحبت علينا بهَا السحائب فضول الذيل، وطفف الْغَمَام فِي الْكَيْل، وغار النُّور، وفار التَّنور، وفاضت السَّمَاء، والتقى المَاء بالركائب تسبح سبح الأساطيل، والأرجل [تزهق زهوق] الأباطيل، وَالْمبَارك تعرى، والأدلة لَا تمتري، واللباس قد غير الطين من شكله، وَالْإِنْسَان قد رَجَعَ من المَاء والجماء إِلَى أَصله، وخيمنا من بيرة حرسها الله بالثغر الْأَقْصَى، وَمحل الرِّبَاط الَّذِي أجر ساكنه لَا يُحْصى، بَلْدَة عَددهَا متعقب، وساكنها خَائِف مترقب، مسرحة بعير، ومزرعة شعير، إِذا شكرت الوابل أنبتت حبها سبع سنابل، ونجادها بالهشم قد شابت، وزروعها قد دَعَا بهَا الْفضل فَمَا ارتابت، وندا وآنواحقه يَوْم حَصَاده أجابت، أَرحْنَا بهَا يَوْمًا، صَحا فِيهِ الجو من سكرته، وأفاق من خمرته، فَقيل للنفوس شَأْنك وذماك، وَيَا أَرض ابلعي مائك، وتجلت عقيلة الشَّمْس معتذرة عَن مغيبها، مغتنمة غَفلَة رقيبها.
ورحلنا من الْغَد، وَشَمل الأنواء غير مُجْتَمع، والجو قد أنصت كَأَنَّهُ يستمع، يعد أَن تمحض الرَّأْي عَن زبدته، واستدعى من الأذلاء من وثق بنجدته، وَكثر المستشار، وَوَقع على طَرِيق ينشر الِاخْتِيَار، وانتدب من الْفَرِيق إِلَى دلَالَة تِلْكَ الطَّرِيق، رجل ذُو احتيال، يعرف بِابْن هِلَال، اسْتقْبل بِنَا شعبًا مقفلا، ومسلكا مغفلا، وسلما فِي الدرج سامي المنعرج، تزلق الذَّر فِي حَافَّاته، وتراع الْقُلُوب لآفاته، ويتمثل الصِّرَاط عِنْد صِفَاته، أَو عَار لَا يتَخَلَّص مِنْهَا الأوعال، وَلَا تغني السنابك فِيهَا وَلَا النِّعَال، قَطعنَا بَيَاض الْيَوْم فِي تُسنم جبالها، والتخبط فِي جبالها، نهوى من شَاهِق إِلَى وهد، ونخوض كل مشقة وَجهد، كأننا فِي حلم مَحْمُوم، أَو أفكار مغموم، أَو برسام بوم. وَطَالَ مرام العروج إِلَى جو السَّمَاء ذَات البروج، قلت يَا قوم انْظُرُوا لأنفسكم فِيمَا أَصْبَحْتُم فِيهِ، وَاعْلَمُوا أَن دليلكم ابْن هِلَال عزم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute