على اللحاق بِأَبِيهِ. ثمَّ أَخذنَا فِي الانحدار بأسرع الابتدار، نهوى إِلَى المرقب السَّامِي الذري، ونهبط من الثريا إِلَى الثرى، ونتمثل فِي ذَلِك المسلك الواعر بقول الشَّاعِر:
(بطرِيق بيرة أجبل وعقاب ... لَا يرتجى فِيهَا النجَاة عِقَاب)
(فَكَأَنَّمَا الْمَاشِي عَلَيْهَا مذنب ... وكأنما تِلْكَ الْعقَاب عِقَاب)
وَلما أصبح استقبلنا الفحص الأفيح، بساطه مَمْدُود الصرح، يعجز عَن وَصفه لِسَان الشَّرْح، طاردنا قنيصه على طول صحبته للأمان من حوادث الزَّمَان، يأثرنا كل ذلق المسامع ناء عَن إِدْرَاك المطامع، كثير النفار، مصطبر على سُكْنى القفار، يختال فِي الفروة اللدنة الْحَوَاشِي، وينسب إِلَى الطَّائِر والماشي، تغلبناه على نَفسه، وسلطنا عَلَيْهِ آفَة من جنسه، وحللنا مقادة كل طَوِيل الباع، رحب الذِّرَاع، بَادِي التَّحَوُّل، طَالب بِالدُّخُولِ، كَأَنَّهُ لفرط النحول، عاشق، أَو نون أجادها ماشق، أوهلال سرار، أَو حنية أسرار، رميناه مِنْهُ بأجله على عجله، وقطعنا بِهِ عَن أمله، فَأصْبح رهين هوان، مطوفا بأرجوان، ووصلنا الخطا بَين جاثم الأرانب وأفاحيص القطا، فِي سهل يتلَقَّى السائر بترحيب [واهن إِلَى اسكوذر] حللناها، وَالْيَوْم غض الشبيبة، والجو يختال من مَذْهَب سناه، فِي الحلى العجيبة. واستقبلنا ألمرية عصمها الله فِي يَوْم سطعت أشعة سعده، وتكفل للدهر بإنجاز وعده، مثل أَهلهَا بِجَمْعِهِمْ، فِي صَعِيد سعيد، ويدعوهم عيد عَهدهم بِهِ بعيد، فَلم يبْق حجاب إِلَّا رفع، وَلَا عذر إِلَّا دفع، وَلَا فَرد إِلَّا شفع، فِي يَوْم نَادَى بالجمهور، إِلَى الْموقف الْمَشْهُور، وَأذن الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute