وَجهه الْجَمِيل إِلَى سعد الأخبية، وتزاحم من النِّسَاء الأفواج، كَمَا تتدافع الأمواج، فَرفع الْجنَاح، وخفض الْجنَاح، ومهد لَهُنَّ سَبِيل الْعَطف، وشملهن كنف الإشفاق والعطف.
وَلما أَرحْنَا وَاسْتَرَحْنَا، والعيون فِي تِلْكَ الْبَلدة سرحنا، رَأينَا قيد الْبَصَر، والمحاسن الَّتِي ترمي [اللِّسَان] بالحصر، حَضْرَة يسْتَقلّ بهَا الْملك، ومربع يلتقي بِهِ القطار والفلك، رفعت راية الشّرف الْقَدِيم، وحازت على نظراتها مزية التَّقْدِيم، مَا شِئْت من ساحة طيبَة الْأَدِيم رحيبة كصدر الْحَلِيم، متناسبة الْوَضع بِتَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم، تبرجت تبرج العقيلة، وَنظرت وَجههَا من الْبَحْر فِي الْمرْآة الصقيلة. وَركب السُّلْطَان، أيده الله ثَالِث يَوْم وُرُوده، إِلَى مُشَاهدَة قلعتها الشماء، الْمُتَعَلّقَة بعنان السَّمَاء. فقدح سكانها زناد البارق المتألق، وتلعب صبيتها على جنَاح الطَّائِر المحلق، وعَلى سمو مَكَانهَا، وجلالة شَأْنهَا، فدولابها شجي الْمِضْمَار ومياهها فِي انهمار، وخزائنها تستغرق [بطوال الْأَعْمَار] ، وعددها كفيلة بحماية الذمار، فعوذناها من كل خطب فادح، وحيينا بهَا بهو خيران، وَقصر ابْن صمادح، ونظرنا إِلَى تِلْكَ الْآثَار الْكِبَار، والمشاهد الَّتِي تغني عَن الْأَخْبَار، أشرقت الْعَدو بريقه، وسطت بفريقه، وَأخذت عَلَيْهِ فِيهَا يَد الله ثنايا طَرِيقه، وَخص الْمولى أيده الله، فأيدها بتشريفه وترفيعه، وَتَنَاول بِيَدِهِ الْكَرِيمَة من صَنِيعه، فِي مجْلِس احتفى واحتفل. وَفِي حلل الْكَمَال رفل، وَأخذت مجالسها الْخَاصَّة والكبرا، وأنشدت الشعرا، فَكَانَ مقَاما جَلِيلًا، وعَلى الهمم الْعَرَبيَّة، والشيم الملوكية دَلِيلا. وَكَانَ الرحيل عَن تِلْكَ الْمَدِينَة، لَا عَن ملال، وَلَا ذمّ خلال، وَلَكِن مقَام بلغ أمد، ورحلة انْتَهَت إِلَى أمد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute