قعدت مقْعد الْوَقار، وَنظرت إِلَى الأَرْض بِعَين الاحتقار، ومدت إِلَيْهَا الْبِلَاد أكف الافتقار، نصبت من الْجَبَل منصة، قعدت عَلَيْهَا وَقَامَت، وصادف الْفَرِيق فِي ذَلِك الْبسَاط بَين يَديهَا، فَمن ذَا يدانيها أَو يداريها، أَو يناهضها فِي الفخار ويجاريها، وَهِي غَابَ الْأسود، والأفق الَّذِي نشأت فِيهِ سَحَاب الْجُود، وطلعت بِهِ من الْأُمَرَاء السُّعُود أنجم السُّعُود، سيدة الْأَمْصَار وَدَار الْمُلُوك من أَبنَاء الْأَنْصَار، ومصرع الطواغيت وَالْكفَّار، والغمد الَّذِي استودع بسيوف الله دامية الشفار، وَللَّه در بعض شُيُوخنَا، فقد عبر عَنْهَا ببيانه، وَاعْتذر عَن بروها فِي أَوَانه حَيْثُ يَقُول:
(رعى الله من غرناطة متبوأ ... يسر كئيبا أَو يجير طريدا)
(تبرم مِنْهَا صَاحِبي عِنْد مَا رأى ... مسالكها بالبرد عدن جليدا)
(هِيَ الثغر صان الله من أهلت بِهِ ... وَمَا خير ثغر لَا يكون برودا)
وصلناها والجو مصقول كالفرند، وَالسَّمَاء كَأَنَّهَا لصفائها مرْآة الْهِنْد، فِي بروز أخرج الحلى من الأحقاق، وَعقد أزرار الْحلَل على الْأَعْنَاق، وأطلع أقمار الْحسن على الْآفَاق، وَأثبت فَخر الحضرة بِالْإِجْمَاع والإصفاق، على دمشق الشَّام وبغداد الْعرَاق، حَتَّى إِذا بلغنَا قُصُور الْملك، وانتهينا إِلَى وَاسِطَة السلك، وقفنا مهنئين ومسلمين، وَقُلْنَا ادخلوها بِسَلام آمِنين، وَأَلْقَتْ عصاها، واستقرت بهَا النَّوَى، كَمَا قر عينا بالإياب الْمُسَافِر.
وَمن ذَلِك كَلَام فِي السرحلة
لما خف عيد مقَامه صُحْبَة وَفد طَاعَته، ومقدم سنة أمره الْعَزِيز وجماعته، باذلا فِي البدار جهد استطاعته، طائرا بجناح الْحبّ الأول أَمر الْإِمْكَان وساعته، فَرَأى السرير قد اسْتَقل بِهِ عاصبه، وَالْملك قد تقررت مناصبه، فَأدى الْغَرَض،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute