وقرض فَأحْسن الْقَرْض، وَعرض كتائب الْمَدْح، فاستوعب الْغَرَض، وملأ بهَا الأَرْض، وَصدر قَافِلًا، فِي ثِيَاب الْعِزّ رافلا، وَاقْتضى من إِذْنه فِي زِيَارَة الْبِلَاد المراكشية مَا يُبْدِي لمن نَاب عَنهُ خلال كَمَاله، ويهني الْعباد بِتمَام الْأَمر، ونجح مآله، ويلتمس بركَة الضريح الَّذِي بِحَسب الرَّاغِب بآماله، وَظهر لَهُ أَن يدون رحْلَة، وجهته المنسوبة إِلَى عناية أمره، ويفتق كمامة فخرها عَن زهره، مستعينا بِاللَّه فِي سره وجهره.
فَقَالَ خرجنَا من أم الْقرى، وَمجمع الورى، وكعبة السّير والسرى، مَدِينَة فاس، دَار الْملك الْأَصِيل، والعز المشرف الثليل، حَيْثُ الْقُصُور الْبيض، وَالْملك الطَّوِيل العريض، والأبواب المحروسة، والبساتين المغروسة، والمياه المتدفقة، والجنود المرتزقة، والمباني الْعَظِيمَة، والرباع المترفعة عَن الْقيمَة وَالدّين وَالدُّنْيَا، من غير شَرط وَلَا ثنيا، حرسها الله وكلأها، ووفر وَقد فعل ملأها، نلتفت إِلَى معاهدة السَّادة، وعلق الودادة، ومراتب أولى الْجُود والإفادة:
(همو اسكنونا فِي ظلال بُيُوتهم ... ظلال بيُوت أدفأت وأكنت)
(أَبَوا أَن يملونا وَلَو أَن أمنا ... تلاقى الَّذِي لَا قوه منا لملت)
وشعينا مِمَّن كرم ذمامه، وَعرف بِرَفْع الْوَفَاء إلمامه، جملَة من الصُّدُور، والشموس والبدور، تذكرت عِنْد وداعهم المهيج الشكاة، والمدامع المشتبكات، قَول شَيخنَا أبي البركات:
(يَا من إِذا رمت توديعه ... ودعت قلبِي قبل ذَاك الْوَدَاع)
(وَبت ليلى ساهرا حائرا ... أخادع النَّفس بِبَعْض الخداع)
(يَا محنة النَّفس بمألوفها ... من أَجله قد جَاءَ هَذَا الصداع)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute