للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ الْمبيت بدشار البوير من أحوازها، دشار نشعت الطَّرِيق بلالة أَهله، وأعدم الله الْمُرُوءَة من فتاه وكهله، وَمن الْغَد قَطعنَا للرحلة الآهلة، وَالطَّرِيق الطاعمة الناهلة، حَيْثُ السهل الْمَمْدُود، وَالْمَاء المورود، والجسور المحنية، والدشر السّنيَّة، والْآثَار المدينية إِلَى مَدِينَة مكناسة، وَمِنْهَا بعد كثير، حَتَّى إِذا الشَّمْس هَمت بتسلق الجدرات، وقادت أَهلهَا من وَرَاء الحجرات، وطفق عسجدها يذهب لجين الضحا، وَمرْسَاهَا الموشية تجلو خد الأَرْض بَعْدَمَا التحا، قمنا نستشعر التجلد للبين، وَهُوَ يفصح، ويجمل حكم الوجد، والدمع يشْرَح، فودعنا الخليط المصاحب، وسلكنا الطَّرِيق غير اللاحب. وَقد طبق ضباب لَهُ على الأَرْض، أكباب حجب الْجِهَات، ولابس بَين الْأُمَّهَات، وضللنا لَوْلَا أَن هدَانَا، وسرنا، والحفنا السَّحَاب وردانا، والنبت قد أطلع ولدانا، ونواحل الطلول قد عَادَتْ بدانا، ثمَّ إِن مرْآة الْأُفق جلت الغزالة صداها، وَأَتَتْ كل نفس هداها، فحمدت السراة مغداها. واقتحمنا الرمل الذى أقدح الله مرعاه، وَحشر غليهم فَحَضَرت مدعاه، مَا بَين خيام، ورعاة غير ليام، وبيوت شعر ومعاطن، وبقر وغنم، تملت بهَا الأَرْض، وبقر ضَاقَ بهَا الطول وَالْعرض، وعجائز يئسن من المحيص، مهدية قرب الْمَحِيض، وَقد اضْطَرَبَتْ فِي الفحص الأفيح محلّة السَّاعِي، ناجحة مِنْهُ المساعي، والأذواد تعد، والنطايع تمد، والعاملون عَلَيْهَا حجتهم لَا ترد، وَلم تكن الشَّمْس تقتعد سَنَام خطّ الزَّوَال، وتسدل من رُؤُوس القوائم ذوائب الظلال، حَتَّى نزلنَا بِعَين الشعرا، وانتبذنا عَن حصنه إِلَى العرا، حصن مثلوم مهدوم، مَوْجُود الْأنس بِهِ مَعْدُوم، إِلَّا أَنه كثير الْوُفُود، ومناخ مَقْصُود، ومعدن الْحَدِيد، وَبَاب الوطن العريض المديد، خيمنا بِظَاهِرِهِ خيفة برغوته، وَلم تخف من سباعه الَّتِي تزأر حولنا وليوثه، فَكَانَت للوقاية النادرة، وَأمنت والمن لله، البادرة

<<  <  ج: ص:  >  >>