وبلونا من وَإِلَيْهِ مبرة، وَمَا فَقدنَا من اللطف مِثْقَال ذرة: وَعند الصَّباح شرعنا فِي الارتحال، وَعين الشَّمْس بَحر الضباب، مفتقرة إِلَى الاكتمال، فسلكنا خندقها خَنْدَق هَارُون وفحص خواز ماز بن برَاز ومظان احْتِرَاز، إِلَى دشار مكول، وَهُوَ إِلَى الفنا موكول، وبرحل الخراب من الْأَعْرَاب موكول. وَلما رَأينَا جنابه غير مأنوس، وَقد امتاز بلبوس البوس، جزناه إِلَى ماغوس، دشار الزاوية، ومركز الحظوظ المتساوية، ومناخ الرِّفْق السارية، وحاضرة تامسنا، حَيْثُ مجْلِس قاضيها، وتشاجر ساخطها وراضيها، وحمام متوضيها، دشار كَبِير، يَأْكُل من هوى وَيشْرب من بير، فقد النضارة، وَعدم مرافق الحضارة، إِلَّا أَنه على الاختزان أَمِين، ولحفظ الْحُبُوب ضمين، مَا لم تعث شمال للْفَسَاد وَيَمِين، قد اتخذ بِهِ مَسْجِد، شان النَّقْص من مناره، لقُصُور درهمه ودنيره، فمنظره شنيع، وحماه غير منيع، بتنا بِهِ فِي كنف شَاهده الْعدْل، فَصم عَن العذل، وترفع عَن خلق الْبَدَل، وأنشدته من الْغَد:
(مَاذَا لَقينَا بماغوس من اللَّفْظ ... لَيْلًا من خرس الْأَجْرَاس وَالشّرط)
(وَمن رداة مَاء لَا يسوغ لنا ... شراب جرعته إِلَّا على الشطط)
(وَمن لُغَات حوالينا مبربرة ... كأننا بِبِلَاد الزنج والنبط)
(جرد إِلَّا شجرات نستظل بهَا ... وَلَا أنس يربح النَّفس من قنط)
(منارها قعد الْبَانِي لنصبته ... فَلَا تُشِير إِلَيْهِ كف مغتبط)
(كَأَنَّهُ قيشة جَاءُوا لفلقها ... بخاتن قطّ مِنْهَا النّصْف عَن غلط)
(لَكِن فَاضل كتاب الشُّرُوط بهَا ... بحي أبر فَتى للفضل مشترط)
(أَحْيَا بهَا الْأنس يحيى بعد وحشتها ... وناب عَن حلَّة من ذَلِك النمط)
ورحلنا من الْغَد عَن شكر لقراه، وَصرف الركب إِلَى محلّة سُفْيَان سراه،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute